ذكر الكتاب الذي كتب علي إلى طلحة والزبير.
قال: ثم كتب علي إلى طلحة والزبير: أما بعد! فقد علمتم أني لم أرد الناس حتى أرادوني، ولم أبايعهم حتى أكرهوني، وأنتم ممن أرادوا بيعتي، ولم تبايعوا لسلطان غالب (1) ولا لغرض حاضر، فإن كنتم قد بايعتم مكرهين فقد جعلتم إلي السبيل عليكم بإظهاركم الطاعة وكتمانكم المعصية، وأنت يا زبير فارس قريش!
وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين! ودفعكم هذا الامر (2) قبل أن تدخلوا فيه كان أوسع لكم من خروجكم منه بعد إقراركم، وأما قولكم: إني قتلت عثمان بن عفان، فبيني وبينكم من يحلف عني وعنكم من أهل المدينة ثم يلزم كل امرئ بما يحتمل، وهؤلاء بنو عثمان بن عفان فليقروا بطاعتي ثم يخاصموا قتلة أبيهم إلي، وبعد فما أنتم وعثمان قتل مظلوما! كما تقولان أنتما رجلان من المهاجرين، وقد بايعتموني ونقضتم بيعتي، وأخرجتم أمكم من بيتها الذي أمرها الله تعالى أن تقر فيه - والله حسبكم - والسلام.
ذكر كتاب علي إلى عائشة.
قال: ثم كتب إلى عائشة (3): أما بعد فإنك قد خرجت من بيتك عاصية (4) لله تعالى ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم تطلبين أمرا كان عنك موضوعا، ثم تزعمين أنك تريدين الاصلاح بين المسلمين، فأخبريني ما للنساء وقود العساكر والاصلاح بين الناس فطلبت! زعمت بدم عثمان وعثمان رجل من بني أمية وأنت امرأة من بني تيم بن مرة، ولعمري أن الذي عرضك للبلاء وحملك على المعصية لأعظم إليك ذنبا من قتلة عثمان! وما غضبت حتى أغضبت ولا هجت حتى هيجت، فاتقي الله يا عائشة وارجعي إلى منزلك واسبلي عليك بسترك - والسلام -.
قال: وأما طلحة والزبير فإنهم لم يجيبوا عليا عن كتابه بشيء لكنهم بعثوا إليه برسالة أن يا أبا الحسن! قد سرت مسيرا له ما بعده، ولست براجع وفي نفسك منه