خروج عائشة إلى الحج لما حوصر عثمان وأشرف على القتل ومقالها فيه.
قال: وعزمت عائشة على الحج، وكان بينها وبين عثمان قبل ذلك كلام، وذلك أنه أخر عنها بعض أرزاقها إلى وقت من الأوقات فغضبت، ثم قالت: يا عثمان! أكلت أمانتك وضيقت رعيتك وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك، لا سقاك الله الماء من فوقك وحرمك البركة من تحتك! أما والله لولا الصلوات الخمس لمشى إليك قوم ذو ثياب وبصائر يذبحوك كما يذبح الجمل، فقال لها عثمان:
(ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين) (1).
قال: وكانت عائشة تحرض على قتل عثمان جهدها وطاقتها وتقول: أيها الناس! هذا قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبل وبليت سنته، اقتلوا نعثلا (2)، قتل الله نعثلا.
قال: فلما نظرت عائشة إلى ما قد نزل بعثمان من إحصار القوم له قربت راحلتها وعزمت على الحج، فقال لها مروان بن الحكم: يا أم المؤمنين! لو أنك أقمت (3) لكان أعظم لاجرك، فإن هذا الرجل قد حوصر فعسى الله تبارك وتعالى أن يدفع بك عن ذمه! فقالت: الآن تقول هذا وقد أوجبت الحج على نفسي، لا والله لا أقمت، وجعل مروان (4) يتمثل بهذا البيت:
ضرم قيس على البلاد دما * إذا اضطرمت يوم به أحجما (5)