دون قلبه، فهذا إقرار بالبيعة، وأما تورد أهل الكوفة على أهل البصرة فما يعجب من أهل حق وردوا على أهل باطل، ولعمري ما نقاتل أنصار عثمان، ولعلي أن يقاتل أتباع الجمل - والسلام -.
قال: فأنشأ رجل من الأنصار يقول أبياتا مطلعها:
حسن الخير يا شبيه أبيه * قمت فينا مقام أنهى خطيب إلى آخرها.
قال: ودنا القوم من بعضهم بعضا، وخرج صبيان أهل البصرة وعبيدهم إلى عبيد أهل الكوفة، وأقبل كعب بن سور (1) إلى عائشة فقال لها: أدركي فقد دنا القوم بعضهم من بعض، وقد أبى القوم إلا القتال فلعل الله تبارك وتعالى أن يصلح بك الأمور، فأقبلت عائشة على جملها عسكر في هودجها والناس معها، فلما أشرفت على الناس ونظرت إليهم وإذا بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يرد الناس ويأمرهم بالكف عن الحرب، فرجعت ورجع الناس.
ذكر رسالة علي إلى عائشة.
قال: فلما كان من الغد دعا علي رضي الله عنه يزيد بن صوحان وعبد الله بن عباس، فقال لهما: امضيا إلى عائشة فقولا لها: ألم يأمرك الله تبارك وتعالى أن تقري في بيتك؟ فخدعت وانخدعت، واستنفرت فنفرت، فاتقي الله الذي إليه مرجعك ومعادك، وتوبي إليه فإنه يقبل التوبة عن عباده، ولا يحملنك قرابة طلحة وحب عبد الله بن الزبير على الاعمال التي تسعى بك إلى النار.
قال: فانطلقا إليها وبلغاها رسالة علي رضي الله عنه، فقالت عائشة: ما أنا برادة عليكم شيئا فإني أعلم أني لا طاقة لي بحجج علي بن أبي طالب، فرجعا إليه وأخبراه بالخبر، فأنشأ أبو الهيثم بن التيهان (2) الأنصاري يقول أبياتا مطلعها:
نحن الذين رأت قريش فعلنا * يوم القليب وقد هوى الكفار