كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٩
مع علي الذي يظهر محاسني للناس على شكل نقائص ويحرض الناس علي وعلى أعمالي. ثم استدعى سعيد بن العاص (1) وأعاده إلى الكوفة وقال له: إذا وصلت إليها، تقرب من الناس وعدهم مواعيد حسنة وقل للأشتر بأن يتخلى عن تلك الاعمال ولا يثيرن الفتنة وغالب ظني أن الناس حين يرونك سيتخلون عن الأشتر ويأتون إليك فذهب سعيد كما أمره عثمان إلى الكوفة وحين اقترب من (العذيب) تصدى له عبد الله بن كنانة بن الخطاب (2) ومعه ثلاثمائة فارس وقالوا له: يا عدو الله، أين تذهب، عد من حيث أتيت، فو الله لن ندعك تشرب من ماء الفرات قطرة واحدة، فكيف تطمع بغير ذلك [ثم حمل كل منهما على الآخر] فأيقن سعيد أنه لا قبل له بهم فعاد.
ذكر رسالة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه إلى مالك الأشتر.
حين أرسل عثمان سعيد بن العاص نحو الكوفة، كتب رسالة لأهلها وأرسلها بواسطة عبد الرحمن بن أبي بكر ومضمونها كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم.
من عبد الله عثمان بن عفان أمير المؤمنين إلى مالك بن حارث وأصحابه الذين معه. أما بعد، فاعلموا بأن الاعتراض على الخليفة والطعن عليه ذنب عظيم، والإقدام على المعصية عاقبتها وخيمة، وليس له جزاء إلا العذاب والنكال، وقد علمت بما فعلتموه مع عاملي ونائبي لديكم، فاعلموا بأن الظلم نتيجته ستكون عليكم، وبذلك قد فتحتم على أنفسكم باب سخط الله وغضبه، كما فتحتم للعامة باب الفتنة ونقضتم بذلك العهد، فأنتم أول من بدأ بالعصيان وسننتم سنة الفرقة، ذلك أن كل من يرغب من هذه الأمة بالعصيان فسيوافقكم ويقتدي بكم وسيكون وبال ذلك الامر في أعناقكم. فاتقوا الله يا عباد الله، وعودوا إلى الحق، وتوبوا عن

(1) وكان سعيد بن العاص لا يزال بالمدينة وقد انتهى الاجتماع بين عثمان وولاته وقد علم الأشتر بنتائجه من طلحة والزبير اللذين أعلمهما ما دار في الاجتماع عمرو بن العاص وكان حاضرا المداولات، فغادر الأشتر على الفور المدينة فيما كان سعيد يستعد لمغادرة المدينة. (مروج الذهب 2 / 372 - 373).
(2) عند ابن سعد 5 / 33 أن يزيد بن قيس الأرحبي وعبد الله بن كنانة العبدي لقياه وقالا له: ارحل إلى صاحبك، فقال: إبلي أنضاء أعلفها أياما ونقدم المصر فنشتري حوائجنا ونتزود ثم أرتحل. فقالا: لا والله ولا ساعة، لترتحلن أو لنضربن عنقك. فلما رأى الجد منهما ارتحل لاحقا بعثمان (انظر مروج الذهب 2 / 373 ابن الأثير 2 / 274).
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست