يقاتل حتى قتل - رحمة الله عليه -.
قال: وتقدم أخوهما الأصغر واسمه سويد بن مقرن، قال: وجعل سويد بن مقرن يقاتل حتى أثخن بالجراحات ولم يقتل، فرجع بالراية فدفعها إلى حذيفة بن اليمان رحمه الله، قال: فأخذها حذيفة فرفعها للمسلمين ثم قال: إني حامل، وحمل حذيفة وحمل الناس معه، فاقتتلوا قتالا شديدا يومهم ذلك إلى أن جاء الليل فحجز بينهم ورجع الفريقان بعضهم عن بعض.
قال: فلما أصبح القوم زحف بعضهم إلى بعض وتقدم رجل من الأساورة على فرس له لا ينال من طوله حتى وقف بين الجمعين ثم نادى: يا معشر العرب! أنا بوذان بن أرديه فهلموا إلى البراز! قال: فلما سمعه الناس وهو يتكلم بالعربية كأنهم هابوه، فلم يخرج إليه أحد، قال: ونظر الفارسي أنه ليس يخرج إليه أحد فحمل على المسلمين حملة فشق الصفوف وخرج من الجانب الآخر، ثم كر راجعا على المسلمين فخالطهم واستلب منهم رجلا عن فرسه فجعل يركض به والرجل معلق بيده حتى صار به إلى أصحابه فرمى به إليهم فقتل الرجل، ثم أقبل بوذان حتى صار إلى الموضع الذي كان فيه بديا، قال: فاغتم المسلمون لذلك وجعل عمرو بن معد يكرب يرتجز، ثم حمل بوذان على المسلمين ليفعل كفعلته الأولية وحمل عليه عمرو بن معد يكرب من ورائه فضربه بالصمصامة ضربة على بيضته فقد البيضة والهامة ومرت الصمصامة تهوي حتى صارت إلى جوف بوذان فسقط قتيلا، فنزل إليه عمرو فسلبه ما كان عليه، فيقال إنه كان في وسط بوذان منطقة قومت بسبعة آلاف دينار.
قال: ودنت الفرس حتى تقاربت من صفوف المسلمين في خلق عظيم فجعلوا يرمون بالنشاب حتى جرحوا جماعة، وهم المسلمون بالحملة عليهم فقال حذيفة:
لا تعجلوا حتى آذن لكم، قال: فصبر المسلمون ساعة والفرس في خلال ذلك لا يفترون من الرمي وما يسقط منهم نشابة إلا في رجل من المسلمين، فلما رأوا ذلك وإن الجراحات قد فشت فيهم تركوا وصية حذيفة، ثم كبروا وحملوا على الفرس فكشفوهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، ثم رجعوا إلى مراكزهم، قال: ورجعت إليهم الفرس كأنهم السباع الضارية في جموع لم يروا مثلها قبل ذلك، فصاح عمرو بن معد يكرب: يا معاشر العرب والموالي! ويا أهل الاسلام والدين والقرآن!
إنه لا ينبغي لكم أن يكون هؤلاء الأعاجم أصبر منكم على الحرب ولا أحرص منكم