وبعد فراغه من الصلاة تقدم منه رجل من قريش وقال له: لو أنك لم تصعد المنبر ولم تتكلم بشيء وكلفت من يخطب بدلا عنك لكان ذلك أولى، من صعودك المنبر ثم عجزك عن الكلام بعدما رأيت كثرة الناس.
فقال عبد الله: صدقت. بعد اليوم لن تراني على المنبر أبدا.
ذكر فتح إصطخر وفارس في زمان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه.
حين أقام عبد الله (ابن عامر) عدة أيام في البصرة. اضطرب الامر في فارس (1) ووصل الخبر إلى عثمان بأن ماهك بن شاهك قد خرج ومعه ثلاثون ألف رجل واستردوا المنطقة من أيدي المسلمين فكتب عثمان رسالة إلى عبد الله بن عامر يأمره فيها بالذهاب إلى فارس وإطفاء فتنة ماهك وأن يعيد ضبط تلك الولاية ثم من هناك يسير نحو خراسان ويسعى لفتح تلك البلاد، ولما وصلت رسالة أمير المؤمنين عثمان إلى عبد الله. جمع رجال البصرة وتلا عليهم رسالة عثمان وحرضهم على الجهاد والغزو. فأجابه الناس واستعدوا ثم انطلق عبد الله بجيش جرار وجنود شجعان من البصرة إلى فارس. وحين اقترب علم ماهك بالخبر وهيأ هو أيضا جيشا وفي صحراء إصطخر التقى الجمعان وقامت الحرب بينهما من الصباح حتى صلاة العصر. ولما رأى ماهك طعن المسلمين وضربهم، فر وانهزم فلحق بهم جيش المسلمين يقتلونهم حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة (2) ومن بقي منهم فقد التجأ إلى إصطخر، ثم ذهب فوج من الجيش يطلب ماهك فوصل إليه رجل يسمى يزيد بن الحكم الأزدي ولما أراد أن يضربه بالسيف نزع ماهك تاجه وألقاه إليه فأخذ يزيد التاج وعاد إلى أصحابه وشرح لهم ما وقع له.
ثم نزل عبد الله بن عامر في ظاهر إصطخر وحاصرهم وكان يقاتلهم كل يوم بشدة إلى أن استطاع أن يستولي على إصطخر عنوة. ثم دخل المدينة فقتل فيها