يعلى بن منية بمائتي دينار (1)، وعلى الجمل يومئذ هودج من الخشب وقد غشي بجلود الإبل وسمر بالمسامير وألبس فوق ذلك الحديد، فلما توافقت الخيلان ودنت الفئتان بعضها من بعض، خرج علي رضي الله عنه حتى وقف بين الصفين.
ذكر ما جرى من الكلام بين علي والزبير في يوم الجمل قبل الوقعة.
قال: فوقف علي رضي الله عنه بين الصفين، عليه قميص ورداء وعلى رأسه عمامة سوداء، وهو يومئذ على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء التي يقال لها دلدل، ثم نادى بأعلى صوته: أين الزبير بن العوام! فليخرج إلي! فقال الناس: يا أمير المؤمنين! أتخرج إلى الزبير وأنت حاسر وهو مدجج في الحديد؟ فقال علي رضي الله عنه: ليس علي منه بأس فأمسكوا، قال: ثم نادى الثانية: أين الزبير بن العوام؟ فليخرج إلي!
قال: فخرج إليه الزبير، ونظرت عائشة فقالت: واثكل أسماء! فقيل لها يا أم المؤمنين! ليس على الزبير بأس، فإن عليا بلا سلاح (2).
قال: ودنا الزبير من علي حتى وافقه (3)، فقال له علي رضي الله عنه: يا أبا عبد الله! ما حملك على ما صنعت؟ فقال الزبير: حملني على ذلك الطلب بدم عثمان، فقال له علي: أنت وأصحابك قتلتموه فيجب عليك أن تقيد من نفسك، ولكن أنشدك بالله الذي لا إله إلا هو أما تذكر يوما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا زبير!
أتحب عليا)؟ فقلت: يا رسول الله! وما يمنعني من حبه وهو ابن خالي (4)؟ فقال لك: (أما! إنك ستخرج عليه يوما وأنت ظالم؟ فقال الزبير: اللهم بلى! قد كان