المسجد الأعظم ودعا بالناس إلى شرائه، فاشتراه عمرو بن حريث المخزومي بمال جزيل (1)، وربح فيه مثل ثمنه، فيقال إن ذلك المال أول مال اعتقله عمرو بن حريث بالكوفة. قال: فأخرج السائب بن الأقرع من ذلك المال الخمس فحمله إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقسم باقي ذلك المال فيمن شهد فتح نهاوند من أهل البصرة وأهل الكوفة، فهذا ما كان من فتح نهاوند والله أعلم وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ذكر فتح مدينة الري (2) والدستبى وما يليهما.
قال: فلما فتح الله عز وجل نهاوند على المسلمين وأمكن منهم وقسم غنائمهم كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد ذلك إلى عمار بن ياسر: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عمار بن ياسر، أما بعد فالحمد لله الذي أنجز وعده وهزم الكفار وحده، فاحمدوا الله عباد الله على ما رزقكم من غنائم عدوكم واعتصموا به، فنعم المولى ونعم النصير، وبعد فانظر إذا ورد عليك كتابي هذا فاقرأه على المسلمين وبشرهم بالنصر من عند خير الناصرين، ثم اعرض أجناد أهل الكوفة فانتخب منهم عشرة آلاف رجل من أخلاط القبائل فاضممهم إلى عروة بن زيد الخيل الطائي ومره فليسر بهم نحو الري والدستبي فعسى الله عز وجل أن يفتح ذلك على يده بمنه وطوله وحوله وقوته إنه على كل شيء قدير - والسلام عليك ورحمة الله وبركاته -.
قال: فلما ورد الكتاب على عمار بن ياسر نادى في المسجد، فاجتمعوا إليه فأقرأهم الكتاب وندبهم إلى الجهاد، فأجابه الناس إلى ذلك فرحين مسرورين، فجعل ينتخب الرجال من جميع القبائل، حتى إذا علم أنهم تكاملوا عشرة آلاف رجل دعا عروة بن زيد الخيل وأمره بالمسير إلى الري (3)، فسار عروة بالمسلمين سيرا حثيثا