ألا يا سعد قد أحدثت (1) شكا * وشك المرء في الاحداث داء إلى آخرها.
فكتب إليه سعد (2): أما بعد! فإن الشورى لم يدخل عمر بن الخطاب إلا من يحل له الخلافة، ولم يكن أحد من أهل الشورى أحق بالخلافة من صاحبه بالاجتماع، غير أن عليا كان فيه ما فينا، ولم يكن فينا ما فيه، وهذا أمر قد كرهنا أوله وكذلك نكره آخره، وأما طلحة والزبير فلو لزما بيوتهما لكان خيرا لهما، والله يغفر لام المؤمنين عائشة ما أتت - والسلام. وأثبت في أسفل كتابه أبياتا من الشعر مطلعها:
معاوي داءك الداء العياء * وليس لما تجيء به دواء (3) إلى آخرها.
ذكر كتاب معاوية إلى محمد بن مسلمة الأنصاري.
قال: وكتب معاوية إلى محمد بن مسلمة الأنصاري (4): أما بعد! فإني كتبت إليك وأنا أرجو متابعتك (5)، ولكني أحببت أن أعرفك النعمة التي خرجت منها والشك الذي صرت إليه، فأنت فارس الأنصار وعدة المهاجرين، غير أنك ادعيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لم تستطع إلا أن تمضي عليه، فذكرت أنه نهاك عن قتال أهل الصلاة بعضهم بعضا (6)، وقد كان يجب عليك أن تكره لهم ما كرهه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ما رأيت عثمان بن عفان في يوم الدار وما حل به من أهل الصلاة؟
وأما قومك فقد عصوا الله وخذلوا عثمان، والله سائلهم وسائلك عن ذلك يوم القيامة - والسلام -.
قال: ثم عرض معاوية كتابه على مروان بن الحكم، فقال له مروان: أما إنك قد أغلظت له في الكتاب، ولكن دعني حتى أكتب إليه أبياتا من شعره فلعلي أخدعه