أبشر يا أمير المؤمنين! فقد فتح الله عز وجل على المسلمين وأذل المشركين، وقد قسمت على كل ذي حق حقه وحملت إليك خمس غنائم المسلمين من أهل نهاوند.
قال: فجعل عمر يسأله عن المسلمين ومن قتل منهم هنالك والسائب يخبره بقتل كل رجل، حتى سأله عن عمرو بن معد يكرب فقال: قتل يا أمير المؤمنين ووالله ما عرفناه من كثرة الضربات التي أصابته إلا بثناياه، قال: فبكى عمر بكاء شديدا ثم قال: رحم الله أبا ثور! يرحم الله النعمان بن مقرن! رحم الله فلانا وفلانا - وجعل يترحم على رجل بعد رجل حتى ترحم على جميع من قتل. ثم قال: ويحك يا سائب! فما صنع المسلمون بعد ذلك؟ قال: قفلت يا أمير المؤمنين [و] دفعت إلى كل ذي حق حقه وأتيتك بهذا الخمس وقد رجع أهل البصرة إلى بصرتهم وأهل الكوفة إلى كوفتهم.
قال: فما برح عمر بن الخطاب رضي الله من المسجد حتى قسم الخمس من غنائم نهاوند على المسلمين، وهم عمر أن يقوم من موضعه فتقدم إليه السائب بن الأقرع فكلمه سرا وخبره بكنز النخيرجان، فقال عمر: ائتني به، فجاء به حتى وضعه بين يديه وفتحه وجعل ينظر إلى ذلك السفط وما فيه من الذهب والجوهر، ثم دعا بعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة والزبير ومن هنالك من المسلمين رضي الله عنهم أجمعين، فقال لهم: اختموا بخواتيمكم على هذا السفط، فإني لست آمن نفسي عليه، قال: وختم القوم بخواتيمهم على ذلك السفط، ثم أمر فوضع في بيت المال وانصرف عمر إلى منزله. فلما كان الليل وجه عمر إلى السائب بن الأقرع فدعاه (1) ثم قال: ويحك يا سائب! ما لي ولك؟ أردت أن تدخلني النار نار جهنم! قال: وكيف ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إني كنت نائما فرأيت هذا السفط الذي جئتني به وهو يشتعل نارا والنار ترتفع إلى وجهي وأنا أتأخر عنها خوفا من أن تحرقني وسمعت هاتفا يهتف بي وهو يقول: يا بن الخطاب! أردد هذا السفط على من أفاء الله به عليه. فاحمل الآن هذا السفط إن شئت إلى البصرة أو إلى الكوفة فبعه وادفع إلى كل ذي حق حقه وائتني بالخمس حتى أقسمه في المسلمين. قال: فحمل السائب بن الأقرع ذلك السفط إلى الكوفة ثم وضعه في