خبر هشام بن عبد الملك مع الشيخ وقوله في بني أمية.
قال: فبينا هشام بن عبد الملك ذات يوم في برية الشام يتنزه ويتصيد إذ نظر إلى غبار ساطع على قارعة الطريق، فقال هشام لمن معه: قفوا في مواضعكم! لا يتبعني أحد منكم إلى أن أرجع إليكم، قال: ثم حرك هشام ومضى نحو الغبار، فإذا بعير قد أقبلت من بعض مدائن الشام، عليها زيت وأمتعة من أمتعة الشام يراد بها الكوفة. قال: وفي العير شيخ من أهل الكوفة له رواء ومنظر، ومع الشيخ غلمة له أحداث وهم بنوه، ومع هشام مولى له يقال له ربيع.
قال: فسلم عليهم هشام، فردوا عليه السلام وهم لا يعرفونه، فأقبل هشام على الشيخ فقال: ممن أنت وأين منشأك؟ فقال الشيخ: أما المنشأ فالكوفة، وأما من أين فما سؤالك عن ذلك؟ فوالله إني لو كنت من العرب في أعلاها لما نفعك، ولو كنت من أدناها لما ضرك، فقال هشام: والله يا شيخ ما أظنك كتمت نسبك إلا وأنت مستح، قال: فضحك الشيخ ثم قال: يا هذا! ما هو إلا ما ظننت، وإني لأرجو أن يسأل الله عز وجل عمن يحبسني بما اطلع عليه من دناءة جنسك ونسبك إذا أنبأتني به، فإن قبح وجهك وحول عينيك وذمامة خلقتك وسوء منطقك قد أطمعني في ذلك منك، وأنا أخبرك ممن أنا إذ قد أبيت إلا ذلك، أنا رجل من حكم وأمي سلولية، ونحن اليوم خلف في عكل. فقال هشام: نسأل الله العافية ممن قد ابتلاك به يا شيخ! لقد اجتمع فيك ما لم يجتمع في أحد قط، فقال: ولم تقول ذلك، وقد أملت أن يسأل الله عمن ينسبنا عندما قد توسمته فيك عند معرفتي بنسبك، فمن أنت يا هذا؟ فقال هشام: أنا رجل من قريش، فقال الشيخ: إن قريشا كثير، وإن فيهم من قد علا نجمه، وفيهم من قد سقط سهمه، فمن أيها أنت؟ فقال هشام: أنا والله من أعلاها وأسناها وأزكاها! أنا رجل من بني أمية التي لا تسامى أخطارها ولا يدرك آثارها، فقال الشيخ: مرحبا بك يا أخي بني أمية! سليت ورب الكعبة غمي، وفرجت عني كربي، كنتم والله يا بني أمية في الجاهلية تربون في التجارة، وفي الاسلام عاصين لأهل الطهارة، سيدكم حمار وأميركم جبار، إن قللتم عن الأربعين لم تدركوا بثأر، وإن بلغتموها كنتم بشهادة الرسول من أهل النار، رجالكم يتقلبون في عار النسبة، ونساؤكم على نساء الأنام سبة، ومنكم الباكي على معلليه، ومنكم معاليه مؤوي الطرداء وباقي الأخيار السعداء الذي اختار القرابة على الصحابة، وصرف المال عن أهل النجابة، ومنكم صاحب الراية يوم القليب وأبو اللعينة ذات