وقام طلحة إلى علي فبايعه وضرب بيده على يد علي، وكان به شلل من ضربة أصابته يوم أحد، فلما وقعت يده على يد علي قال قبيصة بن جابر (1): إنا لله وإنا إليه راجعون! أول يد وقعت على كف علي أمير المؤمنين يد شلاء، لا والله لا يتم هذا الامر من قبل طلحة بن عبيد الله أبدا. قال: ثم وثب الزبير وبايع، وبايع الناس بعد ذلك بالبيعة من المهاجرين والأنصار ومن حضر من العرب والعجم والموالي.
قال: وتقدم رجل من أهل مصر يقال له سودان (2) بن حمران المرادي فقال له: يا أبا الحسن! إننا قد بايعناك على إن عملت فينا كما عمل عثمان قتلناك، فقال علي رضي الله عنه: اللهم فنعم، قال: فبايعه الناس على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. قال: وأنشأ عبد الرحمن بن حنبل الجمحي قصيدة مطلعها:
لعمري لقد بايعتم ذا حفيظة * على الدين معروف العفاف موفقا إلى آخره.
[دفن عثمان رضي الله عنه] (3).
قال: ثم أمر علي بدفن عثمان، فحمل وقد كان مطروحا على مزبلة ثلاثة أيام حتى ذهبت الكلاب بفرد رجليه، فقال رجل من المصريين وأمة: لا ندفنه إلا في مقابر اليهود (4)! قال حكيم بن حزام: كذبت أيها المتكلم! لا يكون ذلك أبدا ما بقي رجل من ولد قصي، قال: فحمل عثمان رحمة الله عليه على باب صغير قد جازت رجلاه من الباب، وأن رأسه ليتقعقع، وأوتي به إلى حفرته، فتقدم حكيم بن حزام فصلى عليه (5)، ودفن في بقيع الغرقد، فأنشأ حسان بن ثابت الأنصاري يقول:
إذا ما أردتم من أخي الدين تارك * يد الله في ذاك الأديم الممزق