ملك العرب الذي جاءهم بهذا الكتاب وأقام لهم هذا الدين قد هلك - يعنون بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم - وإنه قد ملكهم من بعده رجل يكنى أبا بكر فملك ملكا يسيرا وهلك، وإنا نرى صاحبهم هذا عمر قد طال عمره ودام ملكه وعلا أمره، قد اجتمعتم من كل بلد وليس فيكم إلا رماة الحدق وأحلاس السيوف والدرق، فتعالوا بنا حتى ننفي من بقربنا من جيوش العرب، ثم إنا نسير إليهم في ديارهم فنستأ [صلهم] عن جديد الأرض، فإنا إن لم نفعل ذلك ساروا إلينا فأخرجونا عن جميع بلادنا وأنزلوا بنا من الذل والصغر ما أنزلوه بأهل القادسية والمدائن وجلولاء وخانقين وما أنزلوه بأهل الأهواز وتستر ومناذر ورامهرمز وما أنزلوه بأهل الشام قبل ذلك.
قال: فتعاقدوا على أمرهم وتعاهدوا وعزموا على جهاد المسلمين، وبلغ ذلك أهل الكوفة (1)، فاجتمعوا إلى أميرهم عمار بن ياسر فقالوا: أيها الأمير! هل بلغك ما كان من جموع هؤلاء الأعاجم بأرض نهاوند؟ قال عمار: قد بلغني ذلك فهاتوا ما عندكم من الرأي! فقالوا: الرأي في ذلك أن نكتب إلى أمير المؤمنين ونعلمه بذلك قبل أن يسير عدونا إلى ما قبلنا، قال عمار: أفعل ذلك إن شاء الله تعالى.
ذكر كتاب عمار بن ياسر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عمار بن ياسر، سلام عليك! أما بعد فإن ذا السطوات والنقمات المنتقم من أعدائه المنعم على أوليائه هو الناصر لأهل طاعته على أهل الإنكار والجحود من أهل عداوته، ومما حديث يا أمير المؤمنين أن أهل الري وسمنان وساوه وهمذان ونهاوند وأصفهان وقم وقاشان وراوند واسفندهان (2) وفارس وكرمان وضواحي أذربيجان قد اجتمعوا بأرض نهاوند في خمسين ومائة ألف من فارس وراجل من الكفار، وقد كانوا أمروا عليهم أربعة من ملوك الأعاجم (3) منهم ذو الحاجب خرزاد بن هرمز وسنفاد بن حشروا