تعقدوا لأمير المؤمنين جسرا لأجردن فيكم السيف ولأقتلن الرجال ولأحوين الأموال (1)، فلما سمع أهل الرقة ذلك قال بعضهم لبعض: إن الأشتر والله يوفي بما يقول، ثم إنهم ركبوا خلف علي بن أبي طالب فردوه وقالوا: ارجع يا أمير المؤمنين!
فإننا عاقدون لك جسرا، قال: فرجع علي إلى الرقة، وعقدوا له جسرا على الفرات، ونادى في أصحابه أن اركبوا! فركبت الناس وعبرت الأثقال كلها، وعبر الناس بأجمعهم وعلي واقف في ألف فارس من أصحابه، ثم عبر آخر الناس.
تحريض معاوية جنده على القتال.
قال: وبلغ ذلك معاوية فنادى في أهل الشام فجمعهم ثم قال: أيها الناس!
هل تعلمون من قد وافاكم؟ وافاكم والله الأسد الأسود والشجاع المطرق علي بن أبي طالب! ومعه أفاعي أهل العراق من ذي شرف يحامي عن شرفه وذي دين يحامي عن دينه، وذي كلب يؤمل فيكم الغارة، أتاكم والله من درعه الأنصار، وسيفه همدان، ورمحه عبد القيس، وسنانه أخلاط العرب، فإن كنتم تريدون الصبر فهذا وقت الصبر.
قال: فوثب نبهان بن الحكم فقال: يا معاوية! والله لقد جهدت يوم الجمل أن أموت فلم أمت وأبت المقادير ذلك، ووالله لئن رأيت عليا لأجهدن في قتله أو أموت، دعوتنا إليه فجعلونا بينك وبينهم وقد جعلها بيننا وبين الله عز وجل، فأمرنا بما تحب وانهنا عما تكره.
قال: ثم وثب حوشب ذو الظليم فقال: يا معاوية! والله ما إياك ننصر ولا لك نغضب ولا عليك نحامي إلا على الشام، فكف الخيل بالخيل والرجال بالرجال، ولا يهولنك علي ومن معه، فإن ما له ولأصحابه عندي [إلا] حملة واحدة، فأفرق جمعهم وأبدد شملهم.
قال: ثم وثب أبو الأعور السلمي فقال: يا معاوية! إننا لو شهدنا مقتل عثمان وعرفنا من قتله بأعيانهم لما دخلنا في ذلك الشك، ولكنا نصدقك على ما غاب - والسلام -.