وحصونهم، فسبوا سبيا كثيرا وغنموا من الغنائم ما ملأت أيديهم، ثم رجعوا مراكبهم.
قال: وبلغ ذلك صاحب سقلية فاغتم لذلك غما شديدا ثم أرسل إلى مقاتلته فدعاهم إليه وقال: ما بالكم لا تغيرون عليهم كما يغيرون عليكم؟ سوءا لكم! لقد خشيت أن تؤخذ سقلية منكم كما أخذت الشام من قبل، قال: فسكتت الروم ولم يقولوا شيئا، فقال له صاحب قيسارية: أيها الملك! إني أشير عليك أن تكتب إلى الملك الأكبر وتسأله المدد، فقال: لا فعلت ذلك أبدا ولو أخذت سقلية من يدي.
قال: فلم يزل المسلمون في المحاربة حتى ملأوا أيديهم من الغنائم وقتلوا منهم بشرا كثيرا.
قال: وبلغ ذلك ملك الروم فجهز إلى سقلية ستمائة مركب فيها المقاتلة والسلاح، قال: واتصل الخبر بالمسلمين قبل أن يتصل بأهل سقلية، فرأوا من الرأي أن يرحلوا، فقال لهم أميرهم: ليس الرأي أن ترحلوا نهارا، فإنا لا ندري ما يكون من الحدثان ولكن أخروا هذا إلى الليل، فقالوا: ذاك أيها الأمير! قال: فلما كان الليل وهدأت العيون قعد المسلمون في مراكبهم وخطفوا من ساحل سقلية، وهبت الريح ورفعوا الشراع وسارت المراكب على تؤدة بغير هول، ولا فزغ حتى أصبحوا على بلد بعيد من سقلية، ثم ساروا حتى صاروا إلى ساحل الشام، فخرج المسلمون من المراكب فأرسوها ثم أخرجوا تلك الغنائم وذلك السبي، فأخرج معاوية من ذلك كله الخمس ووجه به إلى عثمان، وكتب إليه يخبره بسلامة المسلمين وما كان من أمر سقلية، قال: فسر عثمان بذلك وقسم الخمس على أهل المدينة، وقسم معاوية ما بقي من بعد الخمس في المسلمين. قال: ولم يكن للمسلمين غزوة في البحر في زمن عثمان بن عفان بعد سقلية إلا غزوة أرواد.
ذكر فتح جزيرة أرواد.
وذلك أن المسلمين أسروا من الروم رجلا في بعض السواحل، فقالوا: من أين أنت؟ فقال: من أرواد (1)، فأتوا به إلى معاوية، فجعل معاوية يسأله عن أرواد ويستخبره عن موضعها من البحر، فقال له الرومي: نعم أيها الأمير! إنها جزيرة