وجلولاء وحلوان. وأنتم الذين فتحتم أرض الأهواز بأجمعها قلعة قلعة ونهرا نهرا، وأنتم أصحاب نهاوند بالأمس وقد اجتمع بها أضعاف هؤلاء، فقد عرفتم حرب القوم، إنما لهم ساعة واحدة ما دامت سهامهم في كنائنهم، فإذا نفدت فقد أهلكهم الله عز وجل وبدد شملهم.
قال: فبينا عروة بن زيد الخيل يحرض أصحابه على الجهاد ويرغبهم فيما عند الله عز وجل إذا برجل من عظماء أهل الري يقال له داد بن فرناذ قد برز من بين صفوف الأعاجم فجعل يجول ويطلب البراز، فخرج إليه شبل بن معبد البجلي، فجاوله ساعة ثم التقيا بطعنتين طعنه البجلي [و] جدله قتيلا، ثم حمل في جميع أهل الري فطعن فيهم طعنا وجيعا جرح منهم جماعة، ثم رجع إلى صفوف المسلمين فوقف.
ثم تقدم عروة بن زيد الخيل حتى وقف أمام المسلمين على برذون له أصفر، فجعل ينادي: يا معشر طيء! إنه لا عطر بعد عروس (1)، ولست أريدكم لبعد اليوم وأنشدكم الله عز وجل أن تفضحوني أو تشمتوا بي عدوي، قال: فنادته قبائل طيء من كل ناحية: أيها الأمير! احمل رحمك الله حتى ترى منا ما يسرك إن شاء الله، قال: فعندها جعل عروة بن زيد الخيل يرتجز، قال: ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل من القوم جماعة، وحمل المسلمون بأجمعهم على أهل الري والديلم فقتلوا منهم في المعركة زهاء سبعمائة، وولى الباقون أدبارهم يتبعون صاحبهم فرخنداد بن يزدا مهر حتى دخلوا المدينة مفلولين، واحتوى المسلمون على غنائمهم وأسلابهم.
قال: ثم بعث ملك الري إلى عروة بن زيد الخيل يسأله الصلح على أنه يقره في بلده ويؤدي الجزية إليه في كل سنة ثلاثين ألف درهم ويعجل إليه بمائتي ألف درهم. قال: فرضي منه عروة بن زيد بذلك ثم كتب (2) إلى عمر بن الخطاب رضي