خبر الأشتر وخروجه بالكوفة على عثمان.
قال: فبينما عثمان كذلك وإذا بكتاب أهل الكوفة قد ورد على الأشتر وهو بالشام: بسم الله الرحمن الرحيم، من جماعة أهل الكوفة إلى مالك بن الحارث، سلام عليك، أما بعد! فإننا نخبرك بالصحيح من الامر أنه قد اجتمع الملا من إخوانك فتذكروا أعمال الظلمة وأحداث المبتدعة وما أتي إليك وإلى نظرائك من المسلمين، فرأوا أنهم لا يسعهم الاقرار على ذلك ولا الرضى به، وقد خرج عنا سعيد بن العاص مرة وهذه ثانية إلى صاحبه عثمان، وقد أعطينا الله تبارك وتعالى عهودنا ومواثيقنا أن لا يدخل علينا سعيد بن العاص واليا أبدا، فالعجل العجل علينا إن كنت تريد أن تدركنا وتشهد على أمورنا - والسلام -.
قال: فلما قرأ الأشتر كتاب أهل الكوفة جعل يتمثل بهذا البيت لقيس بن الخطيم الأنصاري حيث يقول:
ولما رأيت الحرب قد جل جدها * لبست مع البردين ثوب المحارب.
قال: ثم نادى الأشتر في أصحابه بالرحيل، فرحلوا حتى وافوا الكوفة لاثنتي عشرة ليلة من مسيرهم قبل الظهر وذلك في يوم الاثنين، فدخل الأشتر الكوفة وجاء حتى دخل المسجد الأعظم فصعد المنبر وقد اجتمع إليه الناس، فحمد لله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن الله تبارك وتعالى بعث فيكم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا، وأنزل عليه كتابا بين فيه الحلال والحرام والفرائض والسنن، ثم قبضه إليه وقد أدى ما كان عليه، ثم استخلف على الناس أبا بكر فسار بسيرته واستسن بسنته، واستخلف أبو بكر عمر فاستسن بمثل تلك السنة. وهذا عثمان بن عفان قد علمتم ما كان منه من الاحداث المكروهة والافعال القبيحة بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والآن حين قرأنا كتاب الله عز وجل وتفقهنا في دين الله يريد أن نبدل دين الله أو نغير سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كلا والله لا نفعل ذلك أبدا! ألا! ولا يصبح أحد منكم إلا بالجرعة (1)، فإني معسكر هنالك إن شاء الله ولا قوة إلا بالله (2).