شيء فتعقبهم المسلمون يقتلونهم ويأسرون منهم وقد غنموا غنائم، فما كان من الأحنف إلا أن حمد الله تعالى على هذا الفتح المبين (1) ثم انطلق إلى بلخ ونزل على إحدى بواباتها وأقام معسكرا هناك، ولما رأى ملك بلخ جيش المسلمين على تلك الحال، امتلأ قلبه رعبا فأرسل إلى الأحنف شخصا يطلب الصلح فأجابه الأحنف] (2) إلى ذلك وصالحه على أربعمائة ألف درهم نقدا وكل عام يدفع مئة ألف درهم وخمسمائة حمل من القمح وأخرى من الشعير.
قال: وجعل الأحنف يفتح بلدا بلدا، ورستاقا رستاقا، ويدور ما قدر عليه من بلاد خراسان ويجبي أموالها ويحمل خمس ذلك إلى عثمان بن عفان، قال: فكان الأحنف على طوائف خراسان مما كان دون نهر بلخ وعبد الرحمن بن سمرة ببلاد سجستان (3).
ذكر فتح أرمينية (4) ومقتل سلمان (5) بن ربيعة الباهلي بها.
قال: ودعا معاوية برجل من قريش يقال له حبيب بن مسلمة الفهري فضم إليه أربعة آلاف فارس وألفي راجل وأمره بالمسير إلى بلاد أرمينية بأمر عثمان بن عفان، قال: فسار حبيب بن مسلمة من الشام يريد إلى بلاد الجزيرة ثم رحل من بلاد الجزيرة يريد بلاد أرمينية، فلما صار إلى شمشاط ونواحيها بلغه أن رجلا من الروم يقال له المرزبان (6) في نيف وثلاثين ألفا قد نزل قريبا من شمشاط، فكتب حبيب بن مسلمة بذلك إلى معاوية، فكتب [معاوية] بذلك إلى عثمان، وكتب عثمان إلى الوليد بن عقبة بن أبي معيط (7) وهو يومئذ عامله على الكوفة، فكتب إليه يأمره أن ينتخب من أهل الكوفة عشرة آلاف رجل يضمهم إلى سلمان بن ربيعة الباهلي