بهم من الحبس، فقال معاوية: كيف ترون عفوي عنكم يا أهل العراق بعد جهلكم واستحقاقكم الحبس؟ رحم الله أبا سفيان لقد كان حليما (1)، ولو ولد الناس (2) كلهم لكانوا حلماء! فقال صعصعة بن صوحان: والله يا معاوية! لقد ولدهم من هو خير من أبي سفيان، فسفهاؤهم وجهالهم أكثر من حلمائهم، فقال معاوية: قاتلك الله يا صعصعة! قد أعطيت لسانا حديدا، اخرجوا واتقوا الله وأحسنوا الثناء على أئمتكم فإنهم جنة لكم، فقال صعصعة: يا معاوية! إننا لا نرى لمخلوق طاعة في معصية الخالق، فقال معاوية: اخرج عني، أخرجك الله إلى النار! فلعمري أنك حدث (3). فخرج القوم من عند معاوية وصاروا إلى منازلهم، فلم يزالوا مقيمين بالشام، وقد وكل بهم قوم يحفظونهم أن لا يبرحوا (4).
قال: وحج عثمان في تلك السنة، فلما قدم من حجه إلى المدينة قدم عليه قوم من الكوفة فعاتبوه على تسييره الأشتر وأصحابه إلى الشام، ثم شكوا عاملهم سعيد بن العاص، وجاء أقوام آخرون من البصرة فشكوا عاملهم عبد الله بن عامر بن كريز، وكثرت الشكايات إلى عثمان من عماله من جميع البلاد (5).
ذكر قدوم عمال عثمان عليه لما كثرت شكاية الناس منهم.
قال: فأرسل عثمان إلى جميع عماله (6) فأشخصهم إليه من جميع البلاد، ثم