ذكر كتاب أهل الكوفة إلى عثمان رضي الله عنه وخبر كعب بن عبيدة النهدي.
قال: فجلس نفر من أهل الكوفة منهم يزيد بن قيس الأرحبي، ومالك بن حبيب اليربوعي، وحجر بن عدي الكندي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وزياد بن حفيظة التميمي، وعبد الله بن الطفيل البكائي، وزياد بن النضر الحارثي، وكرام بن الحضرمي المالكي، ومعقل بن قيس الرياحي، وزيد بن حصن السنبسي، وسليمان بن صرد الخزاعي، والمسيب بن نجبة الفزاري، ورجال كبير من قرى أهل الكوفة ورؤسائهم، فكتبوا إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه: (بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من الملأ المسلمين من أهل الكوفة، سلام عليك! فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد! فإننا كتبنا إليك هذا الكتاب نصيحة لك واعتذارا وشفقة على هذه الأمة من الفرقة، وقد خشينا أن تكون خلقت لها فتنة وأن لك ناصرا ظالما وناقما عليك مظلوما، فمتى نقم عليك الناقم ونصرك الظالم اختلفت الكلمتان وتباين الفريقان، وحدثت أمور متفاقمة أنت جنيتها بأحداقك، يا عثمان! فاتق الله والزم سنة الصالحين من قبلك، وانزع عن ضرب قرابتنا ونفي صلحائنا، وقسم فينا بين أشرارنا والاستبدال عنا واتخاذك بطانة من الطلقاء وابن الطلقاء دوننا، فأنت أميرنا ما أطلعت الله واتبعت ما في كتابه وأنبت إليه وأحييت أهله وجانبت الشر وأهله وكنت للضعفاء ورددت من نفيت منا وكان القريب والبعيد عندك في الحق سواء، فقد قضينا ما علينا من النصيحة لك، وقد بقي ما عليك من الحق، فإن تبت من هذه الأفاعيل نكون لك على الحق أنصارا وأعوانا، وإلا فلا تلوم إلا نفسك فإننا لن نصالحك على البدعة وترك السنة، ولن نجد عند الله عذرا إن تركنا أمره لطاعتك، ولن نعصي الله فيما يرضيك، هو أعز في أنفسنا وأجل من ذلك، نشهد الله على ذلك وكفى بالله شهيدا، ونستعينه وكفى بالله ظهيرا، راجع الله بك إلى طاعته، يعصمك بتقواه من معصيته - والسلام -.
قال: فلما كتبوا الكتاب وفرغوا منه قال رجل منهم: من يبلغه عنا كتابنا؟
فوالله إن ما نرى أحدا يجترئ على ذلك، قال: فقال رجل من عنزة آدم ممشوق فقال: والله ما يبلغ هذا الكتاب إلا رجل لا يبالي أضرب أم حبس أم قتل أم نفي أم حرم، فأيكم عزم على أن يصيبه خصلة من هذه الخصال فليأخذه، فقال القوم ما ههنا أحد يحب أن يبتلي بخصلة من هذه الخصال، فقال العنزي: هاتوا كتابكم