قتلهم وأظلمت الأرض لاعماله، وباعوا خلافتهم (1) بعرض يسير من الدنيا. فقال له علي: صدقت يا مالك! والطريق مشترك والناس في الحق سواء، ومن أجهد رأيه في مصلحة العباد فله ما نوى وقد قضى ما عليه.
ذكر كتاب علي إلى جرير بن عبد الله.
قال: وكان جرير بن عبد الله البجلي يومئذ على ثغر همدان عاملا لعثمان والأشعث بن قيس على بلاد أذربيجان، فكتب علي رضي الله عنه لذلك إلى جرير بن عبد الله (2): بسم الله الرحمن الرحيم، من علي أمير المؤمنين، أما بعد! يا جرير!
فإن الله تبارك وتعالى: (لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال *) (3)، وقد علمت ما كان من أمر عثمان ابن عفان وبيعة المهاجرين والأنصار إياي ومسيري إلى البصرة، وما كان من محاربتهم إياي حتى أعطاني الله عليهم الظفر، فرفعت عنهم السيف واستعملت عليهم عبد الله ابن عباس وسرت إلى الكوفة، وقد بعثت إليك بزحر (4) بن قيس فاسأله عما بدا لك واقرأ كتابي هذا على المسلمين، وأقبل إلي بخيلك ورجلك، فإني عازم على المسير إلى الشام إن شاء الله تعالى ولا قوة إلا بالله.
قال: ثم طوى الكتاب وعنونه وختمه بخاتمه ودفعه إلى زحر (5) بن قيس وأمره بالمسير إلى جرير.
قال: فكان مع علي بن أبي طالب ابن أخت لجرير بن عبد الله فدفع إلى زحر بن قيس كتابا فيه أبيات من الشعر قد قالها، وقال لزحر: ابن عبد الله البجلي خالي فادفع إليه كتابي هذا.
فخرج زحر بن قيس حتى ورد على جرير بن عبد الله وهو يومئذ بهمدان. فدفع