جنبات المسجد فقالوا: نحن كلنا طالبون بدم عثمان (1).
قال: وبلغ ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأراد أن يعجل بالمسير إلى الشام، فأشار عليه عامة الناس بالمقام بالكوفة إلا هؤلاء الخمسة نفر: الأشتر النخعي، وعدي بن حاتم الطائي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وسعيد بن قيس الهمداني، وهانئ بن عروة المدحجي (2)، فإنهم قاموا إلى علي فقالوا: يا أمير المؤمنين! إن هؤلاء الذين أشاروا عليك بالمقام إنما يخافون حرب أهل الشام، وليس في حربهم شيء هو أخوف من الموت، ولسنا نريد إلا الموت، فسر بنا إليهم، وفقك الله لما تحب وترضى! قال: فأطرق علي ساعة ثم قال: إنه ليس يتهيأ لي المسير إليهم ورسولي عندهم، وقد وقت لرسولي وقتا لا يتأخر عنه إلا مخدوعا أو عاصيا، فاسكتوا ولا تعجلوا! قال: فسكت الناس، وأنشد النجاشي بن الحارث شعرا.
قال: وجعل جرير كل ما استعجل معاوية واستحثه في رد الجواب يقول معاوية: ويحك أبا عمرو! لا تعجل وأبلعني ريقي حتى أنظر في أمري وأستطلع رأي أهل الشام، ثم إني أجيب صاحبك عن كتابه وكرامته لك.
[كتاب معاوية إلى عمرو بن العاص] (3) قال (4): ثم كتب معاوية إلى عمرو بن العاص وعمرو يومئذ بفلسطين: أما بعد! فقد كان من أمر عثمان بن عفان ما علمت، وأن علي بن أبي طالب قد اجتمع إليه رافضة أهل الحجاز وأهل اليمن والبصرة والكوفة، وقد وجه إلينا رسوله جرير بن عبد الله ولم أجبه إلى هذه الغاية بشيء، وقد حبست نفسي عليك، فأقدم على بركة الله وعونه لأشاورك وأستعين على أمري برأيك - والسلام -.
قال: فلما ورد كتاب معاوية على عمرو بن العاص وقرأه دعا ابنيه عبد الله