ومعك أقتل إن قتلت، ومعك أرجع إن رجعت، قال: فخرجا جميعا نحو هرمزد وأصحابه فطعنا في الخيل ساعة حتى فروا هائمين يمنة ويسرة، ثم إنهما حملا على هرمزد بن داران، هذا عن يمينه وهذا عن يساره، فطعناه فسقط إلى الأرض قتيلا، قال: وتكاثرت الفرس من كل ناحية على هذين الفتيين بكير ومالك فقتلا جميعا - رحمة الله عليهما -.
قال: فارتفع العجاج فخرج أخ لهذين الفتيين ليخرق العجاج وينظر إلى أخويه، فإذا لقيه رجل يقال له بسطام بن عمرو فقال له: ويحك يا بسطام! هل حسست أخوي حسا؟ فقال: نعم، أعظم الله أجرك في أخويك! فقد قتلا كريمين، فقال ناشرة: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم حمل على الفرس فقاتل ساعة ثم وقف ثم حمل ناشرة بن صالح، ونادى عمرو بن معدي كرب قال: يا معاشر المسلمين إني ما أشبه هذا اليوم إلا بيوم القادسية، فيا معشر بني مذحج!
ويا فتيان بني زبيد! ويا معشر النخع! اعلموا أن الذكر غدا بالمدينة لمن صبر اليوم، ألا! فاحملوا ولا تفشلوا رحمكم الله.
قال: فما بقي أحد من بني مذحج ولا من النخع ولا من بني زبيد إلا وحمل، ونظر إليهم عمرو وقد حملوا فحمل معهم، فاقتتلوا ساعة حتى أزالوا الفرس عن أماكنهم، وقتلوا منهم بشر كثير.
قال: ثم أقبل جرير بن عبد الله البجلي على الناس فقال: يا معشر المسلمين! إنكم قد علمتم بأن أميرنا النعمان بن مقرن قد قتل منذ ثلاثة أيام وهذا الرابع، وهؤلاء الأعاجم كلما كسرنا لهم جيشا زحفوا إلينا بجيش هو أعظم منه، وقد تعلمون أن يزدجرد ملك الأعاجم قاطبة قد صار إلى أصفهان ولست آمن أن يبعث إليكم بجيش عظيم فيكون فيه البوار، وهذه الشمس قد زالت كما ترون، فاعلموا أنها لا تغيب إلا ونحن في جوف قلعة نهاوند إن شاء الله ولا قوة إلا بالله.
قال: فقال طليحة بن خويلد الأسدي: والله ما الرأي إلا ما رأيت يا أبا عمرو!
ولقد قلت قولا ويجب أن نجعلها واحدة، لنا أم علينا، فإنا لا نطيق كثرة هؤلاء القوم.
قال: فقال عمرو بن معد يكرب: ويحك يا طليحة! لا تقل علينا فإني أرجو أن تكون لنا وقلبي يشهد بذلك كما أنه يشهد أني مقتول في هذا اليوم، ألا! وإني