المهاجرون والأنصار وهم واضعون أسيافهم على عواتقهم، يقاتلون معه من خالفه من أهل البصرة وغيرهم من الناس، فلا تكن رأس الخطيئة ومفتاح البلية، فإني ما زلت لك ناصحا وعليك مشفقا - والسلام. ثم أثبت في أسفل كتابه شعرا مطلعها:
أيا شرح يا بن السمط أصبحت راجعا * على العقب فانظر في رجوعك للعقب إلى آخرها.
قال: فلما انتهى الكتاب إلى شرحبيل أخذه فأتى به معاوية، فقرأه إياه، فقال معاوية: لا عليك، هو سيد في همدان وأنت سيد في كندة، فأجبه على كتابه.
قال: فكتب إليه شرحبيل: أما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه أني هاجرت إلى الكوفة وانتقلت إلى الشام، ولعمري ما العراق لي بدار ولا الشام علي بعار، وإنما أنا رجل من أهل اليمن، وأما قولي بأن عليا قتل عثمان، فإني أخذت ذلك عن الثقات من أهل الرضا، ولا يقال للشاهد: من أين قلت؟ فأما المهاجرون والأنصار، فلهم ما في أيديهم من بيعة علي ولنا ما في أيدينا من بيعة معاوية - والسلام -.
قال: ثم أقبل شرحبيل على ابن عم له من كندة فقال: أجب سعيد بن قيس على شعره هذا بما أمكنك! قال: فكتب إلى سعيد أبياتا من الشعر مطلعها:
أيها العائب الفتى شرحبيل * لن ينال الانسان مجرى النجوم إلى آخرها.
ذكر قدوم عبيد الله بن عمر بن الخطاب على معاوية بالشام وما كان منهم من القول في علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قال: وقدم عبيد الله بن عمر بن الخطاب على معاوية ليكون معه على علي، فأرسل معاوية إلى عمرو بن العاص فدعاه وقال: أبا عبد الله! إنه قد أحيى الله لك عمر بن الخطاب بالشام بقدوم ابنه عبيد الله علينا، وقد رأيت أن أقيمه خطيبا فيشهد على علي بقتل عثمان وننال منه! فقال عمرو بن العاص: يا معاوية! والله ما أتاك