بعض، واصطف المسلمون على جوانب المراكب في أيديهم الرماح والسيوف والقسي والسهام. قال: واقتتل الفريقان قتالا لم يسمع بمثله، وليس بينهم رمية سهم ولا طعنة رمح إلا الضرب بالسيوف والبواتر والخناجر والسكاكين حتى احمر ماء البحر، قال: وجعلت علق الدماء تضربها الأمواج في الساحل حتى صار الساحل كأن عليه مثل التلول في جثث الرجال وأن الدم غالب على ماء البحر وقد قتل من المسلمين بشر كثير - رحمة الله عليهم - وقتل من الروم ما لا يحصون عددا، قال:
وصبر الفريقان يومئذ بعضهم لبعض صبرا لم يصبروا مثله ساعة قط.
قال: وجرح قسطنطين ملك الروم جراحات كثيرة في رأسه وجسده فولى مدبرا منهزما في مركبه الذي كان فيه (1)، قال: وصاح عبد الله بن سعد بن أبي سرح أمير مصر بالقبط من النواتية: ألا! من قتل رجلا من الروم فله ثلاثة دنانير، قال: فقتلت القبط منهم في ذلك اليوم قريبا من سبعمائة رجل، ووقع عليهم الهزيمة فانهزموا في مراكبهم وهبت الريح عليهم فقطعت مراكبهم يمنة ويسرة فما التقى منها مركبان في موضع واحد.
قال: ورجعت مراكب المسلمين إلى الساحل فأرسيت بعكا، وكتب عبد الله بن سعد ومعاوية إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه يخبرانه بهزيمة الكفار، قال: فسر عثمان بذلك - والله أعلم (2) -.
ذكر عزل عمرو بن العاص عن مصر وولاية عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر.
قال: فانصرف عمرو بن العاص معزولا (3) حتى صار إلى فلسطين فنزلها،