ذكر اختلاف المسلمين بعد قتل عمر بن الخطاب وعقد الخلافة لعثمان بن عفان رضي الله عنهما.
قال: لما كان بعد وفاة عمر رضي الله عنه بثلاثة أيام اجتمع الناس في دار فاطمة بنت قيس (1) أخت الأشعث بن قيس فتشاوروا وتكلموا وكان ثم هنات وكلام كثير حتى ارتفع الصوت بين القوم، قال: فوثب عبد الرحمن بن عوف فقال: يا هؤلاء! إنكم لم تجتمعوا للحديث والكلام الكثير إن عندي رأيا (2).
[قال عبد الرحمن (3): أرى أنكم قد اختلفتم في أمر الخلافة وتنازعتم، وكل واحد منكم يتكلم بكلام لتأييد وجهة نظره، ومتى اختلط الكلام بالهوى فلن يؤدي إلى سلوك جادة الحق: (أنتم أيمة يهتدى بكم وعلماء يصدر إليكم، فلا تفلوا المدى بالاختلاف بينكم ولا تغمدوا السيوف عن أعدائكم فتوتروا ثأركم، وتؤلتوا أعمالكم. لكل أجل كتاب، ولكل بيت إمام بأمره يقومون بنهيه يرعوون قلدوا أمركم واحدا منكم تمشوا الهوينا وتلحقوا الطلب) واجتنبوا الهوى ولا تطيعوا عددكم، ولا تخالفوا رأي من تمثلون، ولا تسيروا خلف المفسدين وأصحاب الأهواء، كي نصل إلى الغاية، ولا يشمت بنا العدو.
فقال عثمان بن عفان (4): صدق ابن عوف، لقد جعلنا الله أئمة يقتدى بنا وأعطانا درجة من العلم يمكن معها لنا أن نستشار، فلا ينبغي أن نختلف كما لا ينبغي أن ينتشر كلامنا كي لا يجد المفسدون فرصتهم كي يحرفونا عن طريق الحق والصواب يا بن عوف، قل كل ما تراه صوابا في هذا الموضوع وما ترى أنه صالح وأرشدنا إلى الطريق المستقيم فإنني أول من يجيبك وأسير على هداك والله شاهد على