قال: ثم أمر علي رضي الله عنه بكل مال وسلاح في دار عثمان بن عفان رحمة الله عليه ونجائب أخذها من مال الصدقة، فقبضت وجعلت في بيت مال المسلمين وما كان سوى ذلك جعله علي رضي الله عنه ميراثا بين أهله وولده وجمع علي رضي الله عنه ما كان في بيت المال ففرقه في المهاجرين والأنصار، وأصاب كل رجل ثلاثة دنانير - والله أعلم -.
ذكر قدوم عائشة من مكة وما كان من كلامها بعد قتل عثمان.
قال: وقدمت عائشة من مكة وقد قضيت حجها، حتى إذا صارت قريبا من المدينة (1) استقبلها عبيد (2) بن أبي سلمة الليثي وكان يقال له ابن أم كلاب فقالت له عائشة: ويحك! ألنا أم علينا؟ فقال: قتل عثمان بن عفان، فقالت: ثم ماذا؟
فقال: بايع الناس علي بن أبي طالب، قالت عائشة: وددت أن هذه وقعت على قتل - والله - عثمان بن عفان مظلوما وأنا مطالبة بدمه، والله ليوم من عثمان خير من علي الدهر كله. فقال لها عبيد بن أم كلاب: ولم تقولين ذلك؟ فوالله ما أظن أن أحدا بين السماء والأرض في هذا اليوم أكرم من علي بن أبي طالب على الله عز وجل، فلم تكرهين ولايته؟ ألم تكونين تحرضين الناس على قتله؟ ثم إنك أظهرت عيبه وقلت: اقتلوا نعثلا فقد كفر، فقالت عائشة: لعمري قد قلت ذلك وقالوا: ثم رجعت عما قلت لما عرفت خبره من أوله، وذلك أنكم استتبتموه، حتى إذا جعلتموه كالفضة البيضاء قتلتموه، فوالله لأطلبن بدمه! فقال لها عبيد بن أم كلاب: هذا والله التخليط يا أم المؤمنين! ثم أنشأ يقول (3):
إذا زرتماها فقولا لها * وحط القضاء بذاك القدر فمنك (4) البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر