وأطواق وشنوف وقرطة وأسورة ومناطق، وحازوا ذلك كله، قال: وجاء الليل فحجز بين الفريقين.
فلما كان من غد وذلك في اليوم الرابع من حروبهم ثار القوم بعضهم إلى بعض، وزحف أهل نهاوند في جميع عظيم حتى صافوا المسلمين، قال: وصف المسلمون صفوفهم كما كانوا يصفونها من قبل، ودنت الخيل من الخيل والرجال من الرجال فتناوشوا ساعة، وتقدم مرزبان من مرازبتهم يقال له النوشجان بن بادان على فيل له وقد شهره بالتجافيف المذهبة وصفرة الذهب تلمع على سواد الفيل حتى وقف بين الجمعين، قال: ونظر إليه عمرو بن معد يكرب فتهيأ للحملة عليه، ثم أقبل على بني عمه من زبيد فقال: ألا تسمعون؟ فقالوا: قل يا أبا ثور! نسمع قولك وننتهي إلى أمرك، فقال: إني حامل على هذا الفيل وقاصد إليه، فإن قطعت خرطومه فقد هلك وذاك الذي أريد، وإن أخطأته ورأيتم الفرس قد حملوا علي وتكاثروا فأعينوني، فقالوا: نفعل أبا ثور! فاستخر الله عز وجل وتقدم. قال: فتقدم عمرو نحو الفيل الذي على ظهره النوشجان، قال: وجعل النوشجان يرميه بالنشاب من فوق الفيل حتى جرحه جراحات كثيرة، ونظر إليه من كان من بني عمه فخرجوا إليه ليعينوه، وصاح النوشجان بالفرس فحملوا على عمرو وأصحابه، فاقتتل القوم وحمل عمرو من بين أيديهم فضرب خرطوم الفيل فقطعه، وولى الفيل منهزما ثم سقط ميتا، ووضع المسلمون السيف في النوشجان وأصحابه، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وقتل النوشجان فيمن قتل وانهزم الباقون بشر حالة تكون.
قال: وتقدم قائد من قواد نهاوند يقال له هرمزد بن داران في نيف على خمسة آلاف فارس من نخبة الأعاجم حتى وقف بين الجمعين، فأقبل حذيفة بن اليمان على الناس فقال: أيها المسلمون! إن هؤلاء الأعاجم ليست معهم نصفة أن يخرج منهم رجل إلى رجل، وذلك أنه إذا خرج منهم قائد يجد بدا من أن يخرج معه كل أصحابه، وهذا عسكر لجب قد برز إليكم في مثل هذه التعبية من الخيل والجنود والفيلة، فثقوا بربكم وقاتلوا عن دينكم وصلوا على نبيكم، قال: فكان أول من خرج إلى هرمزد وأصحابه رجلان من قيس عيلان من بني مضر يقال لأحدهما بكير والآخر مالك، فخرجا على فرسين لهما ثم أقبل أحدهما على الآخر فقال له: يا أخي اعلم أني حامل على هذا الجيش ولست أطلب منهم إلا عميدهم وكبيرهم هرمزد بن داران، فما الذي ترى؟ فقال أخوه: أرى أني معك أحمل إذا حملت،