صدقت يا أمير المؤمنين! ولكني أرى أن تكتب إلى أهل الشام فيقبلوا عليك من شامهم، وإلى أهل اليمن فيقبلوا إليك من يمنهم، ثم تسير بأهل الحرمين مكة والمدينة إلى أهل المصرين البصرة والكوفة، فتكون في جمع كثير وجيش كبير، فتلقى عدوك بالحد والحديد والخيل والجنود (1).
قال فقال عمر: هذا أيضا رأي ليس يأخذ بالقلب، أريد غير هذا الرأي، قال: فسكت الناس والتفت عمر رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه فقال: يا أبا الحسن! لم لا تشير بشيء كما أشار غيرك؟ (2).
ذكر مشورة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه.
قال: فقال علي (3): يا أمير المؤمنين! إنك قد علمت أن الله تبارك وتعالى بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وليس معه ثان ولا له في الأرض من ناصر ولا له من عدوه مانع، ثم لطف تبارك وتعالى بحوله وقوته وطوله فجعل له أعوانا أعز بهم دينه، وشد أزره، وشيد بهم أمره، وقصم بهم كل جبار عنيد وشيطان مريد، وأرى موازريه وناصريه من الفتوح والظهور على الأعداء ما دام به سرورهم وقرت به أعينهم، وقد تكفل الله تبارك وتعالى لأهل هذا الدين بالنصر والظفر والاعزاز والذي نصرهم مع نبيهم وهم قليلون هو الذي ينصرهم اليوم إذ هم كثيرون، وبعد فإنك أفضل أصحابك رأيا وأيمنهم نقيبة، وقد حملك الله عز وجل أمر رعيتك فهو الذي يوفقك للصواب ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فأبشر بنصر الله عز وجل الذي وعدك، وكن على ثقة من ربك فإنه لا يخلف الميعاد، وبعد فقد رأيت قوما أشاروا عليك بمشورة بعد مشورة فلم تقبل ذلك منهم ولم يأخذ بقلبك شيء مما أشاروا به عليك، لان كل مشير إنما يشير بما يدركه عقله، وأعملك يا أمير المؤمنين إن كتبت