أبي بكر: أفمعك كتاب؟ قال: لا.
قال: فقال أهل مصر: لو فتشناه أيها الأمير فإننا نخاف أن يكون صاحبه قد كتب فينا بشيء، ففتشوا رحله ومتاعه ونزعوا ثيابه حتى عروه فلم يجدوا معه شيئا، وكانت على راحلته إداوة (1) فيها ماء فحركوها فإذا فيها شيء يتقلقل، فحركوه ليخرج فلم يخرج، فقال كنانة بن بشر التجيبي: والله! إن نفسي لتحدثني أن في هذه الإداوة كتابا، فقال أصحابه: ويحك! ويكون كتاب في ماء؟ قال: إن الناس لهم حيل، فشقوا الإداوة فإذا فيها قارورة مختومة بشمع وفي جوف القارورة كتاب، فكسروا القارورة وأخرجوا الكتاب، فقرأه محمد بن أبي بكر فإذا فيه (2):
(بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عثمان أمير المؤمنين إلى عبد الله بن سعد، أما بعد! فإذا قدم عليك عمرو بن يزيد (3) بن ورقاء فاضرب عنقه صبرا، وأما علقمة (4) بن عديس البلوي وكنانة بن بشر التجيبي وعروة بن سهم (5) الليثي فاقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ودعهم يتشحطون في دمائهم حتى يموتوا، فإذا ماتوا فاصلبهم على جذوع النخل، وأما محمد بن أبي بكر فلا يقبل منه كتابه وشد يدك به واحتل في قتله وقر على عملك حتى يأتيك أمري إن شاء الله تعالى).
ذكر رجوع أهل مصر إلى محاربة عثمان بعد ما وجدوا الكتاب.
قال: فلما قرأ محمد بن أبي بكر الكتاب رجع إلى المدينة هو ومن معه، ثم جمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ عليهم الكتاب وأخبرهم بقصة الكتاب، قال: فلم يبق بالمدينة أحد إلا حنق على عثمان، واشتد حنق بني هذيل خاصة عليه لأجل صاحبهم عبد الله بن مسعود، وهاجت بنو مخزوم لأجل صاحبهم عمار بن ياسر، وكذلك غفار لأجل صاحبهم أبي ذر.