بعبد الرحمن بن خالد المخزومي، فقال: إني أظن هذه الرقعة لك، قال: نعم هي لي، فقال معاوية: لا تفعل يا بن أخ! فإن عمرا كان رأسا في الجاهلية وعلما في الاسلام ولا ينبغي لك أن ألحقك به في العطاء وسأفعل بك جميلا، قال: فسكت عبد الرحمن بن خالد. وبلغ ذلك عمرو بن العاص، فأقبل إلى عبد الرحمن فقال:
يا بن أخ! أما علمت أن قريشا اختارت رجلين في أيام النجاشي فكنت أنا أحدهم؟
أما والله! لو كان أبو سليمان خالد بن الوليد في الاحياء لم أرض منك بهذا أبدا، ثم أقبل عمرو حتى دخل على معاوية فقال: يا هذا! إني والله لم أزل أسمع في كل يوم من سفهاء قريش مثل هذا وأشباهه أبدا، فلعنة الله على مصر! والله لقد استعملني على مصر من هو خير منك ومن عثمان، ولقد استعملني النبي صلى الله عليه وسلم على عمان فأقلني يا هذا حتى أجلس في بيتي وأنت محسن - وأنشده شعرا، فقال معاوية: يا هذا!
والله لقد أكثرت ولم تكن مكثارا وأحببت أقواما ما كنت أدفعك عن جوابهم، وحسبك بأن يقال: قال عمرو وقيل لعمرو، فإنك إن كاشفت القوم كاشفوك.
ذكر جواب علي لجرير ابن عبد الله البجلي (1) أما بعد يا جرير! فإن معاوية إنما أراد بكتابه هذا أن يجعل لي في عنقه بيعة وأن يختار من أمره ما يحب، وإنما احتبسك عنده ليذوق أهل الشام، وقد علمت يا جرير أن المغيرة بن شعبة أشار علي وأنا بالمدينة أن أستعمل معاوية على الشام (2)، فلم أفعل ولم يكن الله تبارك وتعالى ليراني وأنا أتخذ المضلين عضدا، فانظر! إن بايعك الرجل وإلا فاقبل ولا تكن رخو الجنان - والسلام -.
قال: وفشا كتاب معاوية إلى علي في الناس بالذي يطلبه من علي فلم يجبه إلى ذلك، فكتب الوليد بن عقبة إلى معاوية أبياتا مطلعها: