حامل فاحملوا معي رحمكم الله، فوالله لأجهدن أني لا أرجع دون أن أفتح أو أقتل.
قال: ثم نزل عمرو عن فرسه وجعل يستوثق من حزامه وثفره ولببه، ثم استوى عليه وضرب بيده إلى الصمصامة فجعل يهزها، قال: ثم كبر عمر وحمل، وحمل معه فرسان بني مذحج على جموع الأعاجم، فلما خالطهم عمرو عثر به فرسه فسقط إلى الأرض وغار فرسه وأحاطت به الفرس من كل جانب، فلم يزل يقاتل حتى انكسرت الصمصامة في يده، ثم ضرب بيده إلى السيف ذي النون فلم يزل يضرب به حتى انكسر في يده، فعند ذلك علم أنه مقتول، قال: وجعل المسلمون يحملون على الفرس فيقاتلون وليست لهم بهم طاقة لكثرة جمعهم، وحمل رجل من الفرس يقال له بهرزاد على عمرو بن معد يكرب فضربه على يافوخه، فخر عمرو صريعا وتكاثرت عليه الفرس بالسيوف فقطعوه إربا إربا - رحمة الله ورضوانه عليه -.
ثم إنهم حملوا على المسلمين حملة فكشفوهم عن معسكرهم وعن موضع سوادهم، قال: وكان سارية بن زنيم الكناني يومئذ على جناح المسلمين فوقعت في أذنه صيحة وهو يقول: يا سارية! الجبل الجبل! مرتين، قال: فحمل سارية ومن معه من المسلمين على قوم من الفرس وراء الجبل وقد كانوا عزموا أن يخرجوا على المسلمين كمينا. فكشفهم سارية عن مواضعهم وحمل المسلمون من الميمنة والميسرة والقلب، فاحتكموا الأعاجم جملة حتى قلعوهم عن أرض نهاوند وبنائها واتبعوهم فرسخين أو أكثر من ذلك يقتلونهم عند كل حجر وشجر، ثم رجعوا إلى نهاوند في وقت المغرب فباتوا ليلتهم تلك يحرس بعضهم بعضا خوفا من أن يكون في الفرس رجعة عليهم، والفرس قد ألقى الله عز وجل الرعب في قلوبهم، فبعضهم يؤم أصفهان وبعضهم يؤم ما سبذان وبعضهم يؤم قم وقاشان مشردين في البلاد، فأصبح المسلمون فجعلوا يجمعون غنائم نهاوند إلى معسكرهم حتى نظروا إليها كأنها الإكام، ثم إنهم دفنوا قتلاهم فبعضهم دفن في الموضع الذي أصيب فيه، وبعضهم دفن في الموضع الذي يعرف بقبور الشهداء إلى يومنا هذا.
قال: وأقبل إلى السائب بن الأقرع رجل من أهل نهاوند (1) فقال له: أيها العربي! أنت صاحب غنائم العرب؟ فقال: نعم، أنا على غنائمهم، فقال: هل