يخرجن مع عائشة إلى المدينة، فرحلت عائشة من البصرة (1) في تلك النسوة، وقد كان علي رضي الله عنه أوصاهن وأمرهن أن يتزيين بزي الرجال، عليهن العمائم، فجعلت عائشة تقول في طريقها: فعل بي علي وفعل، ثم وجه معي رجالا يردوني إلى المدينة! قال: فسمعتها امرأة منهن فحركت بعيرها حتى دنت منها ثم قالت:
ويحك يا عائشة! أما كفاك ما فعلت حتى انك الآن تقولين في أبي الحسن ما تقولين! ثم تقدمت النسوة وسفرن عن وجوههن، فاسترجعت عائشة واستغفرت وقالت: هذا ما لقيت من ابن أبي طالب.
ثم دخلت عائشة المدينة وصارت إلى منزلها نادمة على ما كان منها، وانصرفت النسوة إلى منازلهن بالبصرة.
قال: فكانت عائشة إذا ذكرت يوم الجمل تبكي لذلك بكاء شديدا ثم تقول:
يا ليتني لم أشهد ذلك المشهد! يا ليتني مت قبل هذا بعشرين سنة! ثم قالت عائشة: ولو لم أشهد الجمل لكان أحب إلي من أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ولد عبد الرحمن بن الحارث، فإنه كان له عشرة أولاد ذكور كل يركب.
ذكر عدد من قتل من الفريقين في حرب الجمل.
قال أبو يعقوب إسحاق بن يوسف الفزاري: سألت أبا المنذر هشام بن محمد بن السائب عمن قتل من أصحاب علي رضي الله عنه وعائشة رضي الله عنها في يوم الجمل، فقال: أما علي رضي الله عنه فكان في عشرين ألفا، قتل من أصحابه ألف رجل وسبعون رجلا، وأما عائشة فكانت في ثلاثين ألفا ويزيدون، فقتل من الأزد خاصة أربعة آلاف (2) رجل، ومن بني ضبة ألف رجل (3)، ومن بني ناجية * (هامش) * (1) وكان ذلك يوم السبت غرة رجب (الطبري 5 / 225).
(2) في مروج الذهب 2 / 411 ألفان وخمسمائة رجل. وفي الطبري 5 / 225 ألف وثلاثمائة وخمسون رجلا.
(3) الطبري: ثمانمائة رجل.
وفي الطبري: قتل علي بن أبي طالب يوم الجمل ألفين وخمسمائة.
وفي رواية عند الطبري: أن قتلى الجمل يزيدون على ستة آلاف. وفي رواية أخرى: عدد قتلى الجمل عشرة آلاف نصفهم من أصحاب علي ونصفهم من أصحاب عائشة، وقد جرى تفصيل القتلى على القبائل انظر ج 5 / 222. (*)