ثم استقرت خلافة عثمان إلى أن برزت الفتن والاختلافات في عام 23 للهجرة.
بداية أعمال عثمان في عهد خلافته.
لقد بدأ (1) بعزل أبي موسى الأشعري عن إمارة البصرة التي كان ولاه إياها أمير المؤمنين عمر. وعين مكانه عبد الله بن عامر بن كريز. وكان عبد الله هذا ابن خال عثمان، حيث كانت أمه بنت كريز بن ربيعة. [وجدة عبد الله بن عامر من جهة أبيه هي جدة لعثمان من جهة أمه. وكنيتها أم حليمة وهي عمه الرسول صلى الله عليه وسلم واسمها البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ثم قال أبو موسى لأهل البصرة (2): لقد عزلت عن إمارتكم، وقد ولي عليكم شاب من أكابر قريش وأحد أغنيائها الموسرين وله أقارب عديدون].
فوصل عبد الله بن عامر إلى البصرة، وكان شابا له خمس وعشرون سنة.
فقدم إليه أهل البصرة ورحبوا به وأثنوا عليه. [ومن بينهم رجل من بني عدي بن عبد الله قال فمن كلامه مهنئا عبد الله بالإمارة: أيها الأمير.. عفا الله عنك وزادك تمكينا في دينه الذي ارتضاه. وجعل مأواك الجنة، وإني لا أبغي لك سوى الخير في السر والعلن] وإنك رجل كامل العقل وافر العلم سريع الخاطر حاد الفهم قد جمعت بين اللين والشدة والصدق والعفاف والتواضع والقوة، والمعرفة بحدود الدين والصبر واليقين فأطال الله عمرك وشمل المسلمين عامة بخيرك والسلام.
وفي يوم الجمعة حين صعد عبد الله بن عامر بن كريز المنبر لالقاء الخطبة، ورأى حشود المصلين اندهش وارتج عليه وبدأ كلامه فقال: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض في ست سنين.
فقام رجل من بني مازن وقال: أصلح الله الأمير: إن كان لابد لك من أن تذكر في خطبتك مدة خلق السماوات والأرض فإن الله قد خلقها في ستة أيام. فخجل عبد الله ولم ينطق بعد ذلك بكلمة ثم نزل وأمر شخصا آخر أن يلقي الخطبة. ثم تقدم فصلى بالناس.