كتاب أمير المؤمنين فينتهي إلى أمره إن شاء الله تعالى.
ذكر كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري.
من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس، سلام عليك! أما بعد فقد بلغني أن الأعاجم قد تحركت بأرض الأهواز (1) من تستر والسوس ومناذر وما والى ذلك وقد جمعوا المسلمين جمعا، فإذا ورد عليك هذا الكتاب إن شاء الله فلا تضيعه من يدك حتى تضم إليك أصحابك ومن أجابك من أهل البصرة وسائر المسلمين، ثم سر بهم على بركة الله عز وجل وطاعته والرغبة فيما لديه، فمن أجابك منهم فهو أولى بماله وأهله وولده، وليس لك من ذلك إلا بلغة إن احتجت إلى ذلك، وعظ نفسك وأصحابك ولا تكثر عليهم الحرب في كل وقت فيملوها إلا أن يطلبوا ذلك منك، وألن لهم جانبك وحطهم بنفسك، واعلم بأن المسلمين في جوار الله عز وجل، وأن المسلم أعظم الخلق على الله عز وجل حرمة، فلا يطلبنك الله عز وجل بمظلمة أحد منهم، واحذر عليهم واحفظ قاصيهم، وأنصف مظلومهم، وخذ لضعيفهم من قويهم وأصلح ذات بينهم، وألزمهم القرآن وخوفهم، وامنعهم من ذكر الجاهلية وما كان فيها فإنه يورث الضغينة ويدعو إلى الدخول والقطيعة، واعلم يا بن قيس بأن الله تبارك وتعالى قد تكفل لأهل هذا الدين بما لا خلف له من النصر والظفر، فاحذر أن يصرف الله عز وجل بوجهه إلى غيرك وأن يستبدل بك سواك من خلقه - والسلام عليك ورحمة الله وبركاته -.
قال: فلما ورد كتاب عمر رضي الله عنه على أبي موسى الأشعري وقرأه قال: يرحم الله أمير المؤمنين كأن ملكا بين عينيه يسدده إلى الكلام، ثم نادى في الناس فجمعهم وعرضهم فكانوا يزيدون على عشرة آلاف من بين فارس وراجل، فقام فيهم خطيبا فحمد الله عز وجل وأثنى عليه، ثم وعظهم وأحسن الموعظة وقرأ عليهم كتاب عمر رضي الله عنه وأمرهم بالجهاز إلى أرض الفرس وديارها وقال لهم فيما يقول: أيها الناس! إذا لقيتم العدو غدا فاصبروا على جهادهم واجعلوا حصونكم الصفائح والحجف والعوالي، فإن كلت الرماح والصفائح فاعترضوهم