ذكر الحبشة وما كان من غاراتهم على سواحل المسلمين.
قال: فبينا عثمان رضي الله عنه كذلك وقد فتح من البلاد ما فتح إذ بلغه أن قوما من الحبشة أغاروا على بعض سواحل المسلمين وأصابوا منهم أموالا وسبوا منهم سبيا كثيرا، قال: فاغتم لذلك عثمان غما شديدا ثم أرسل إلى جماعة من الصحابة وغيرهم من المسلمين، فدعاهم واستشارهم في غزو الحبشة، فأشار عليه المسلمون أن لا يغزوهم في بلادهم ولا يعجل عليهم حتى يبعث إلى ملكهم فيسأله عن ذلك، فإن كان الذي فعله أصحابه عن أمره ورأيه هيأ له المراكب وأرسل إليه بالجند والمقاتلة، وإن كان ذلك من سفهاء أغاروا على سواحل المسلمين عن غير أمر ملكهم ورأيه أن يشحن السواحل بالخيل والرجال حتى يكونوا على حذر، قال:
فعمل عثمان على ذلك ثم دعا محمد بن مسلمة الأنصاري فوجه به إلى ملك الحبشة في عشرة نفر من المسلمين يسأله عما فعل أصحابه، وكتب إليه عثمان بن عفان رضي الله عنه في ذلك كتابا.
قال: فلما قدم محمد بن مسلمة بكتاب عثمان بن عفان وقرأه أنكر ذلك أشد الانكار وقال: مالي بذلك من علم، قال: ثم إنه أرسل إلى قرى الحبشة في طلب السبي فجمعهم بأجمعهم ودفعهم إلى محمد بن مسلمة، فأقبل بهم إلى عثمان وخبره بما كان من إنكار ملك الحبشة وطلب السبي، قال: فشحن عثمان السواحل بعد ذلك بالرجال وقواهم بالسلاح والأموال، فكانوا ممتنعين من الحبشة وغيرهم.
ذكر فتح جزيرة قبرص (1) على يد معاوية بن أبي سفيان.
قال: وإذا بكتاب (2) معاوية بن أبي سفيان قد ورد على عثمان يسأله أن يأذن له في ركوب البحر إلى جزيرة قبرص ويخبره في كتابه بقرب المسير إليهم وأن البحر قد