طخطاخ ملك الترك بكى بكاء شديدا ثم أمر به، فكفن في أكفان الملوك وطلي بالصبر والمر ووضع في تابوت وحمل إلى بلاد فارس فدفن هنالك في الموضع الذي كانت الفرس تدفن ملوكها فيه. قال: وبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: الحمد لله الذي طحطح ملكهم وأبان هلكهم.
قال: وأقام أبو موسى على إصطخر شهرا كاملا حتى فتحها صلحا على مائتي ألف درهم عاجلة والجزية بعد ذلك. قال: ثم تقدم أبو موسى إلى بلاد كرمان، فجعل يفتحها موضعا موضعا ويتقدم وليس أحد يناويه حتى بلغ أول مفازة خراسان، فنزل هنالك وأمر بأموال فارس وكرمان، فأخرج منها الخمس وبعث به إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع كتابه يخبره فيه بما فتح الله عز وجل على يديه من أرض فارس وكرمان وأنه يريد التقدم إلى بلاد خراسان فإنه قد بلغ إلى حد مفازة خراسان.
قال: وقسم أبو موسى باقي الغنائم في المسلمين، فأصاب الفارس زيادة عن ثمانية آلاف درهم، والراجل زيادة عن أربعة آلاف.
قال: وقسم أيضا عمر بن الخطاب بالمدينة ذلك الخمس في المهاجرين والأنصار، ثم كتب إلى أبي موسى: أما بعد فقد ورود علي كتابك يخبرني بما فتح الله على يديك من أرض فارس وكرمان، وأنك تريد التقدم إلى بلاد خراسان، فمهلا أبا موسى في ذلك، فانظر إذا ورد عليك كتابي هذا فول على كل بلد مما فتح الله عز وجل على يديك رجلا ترتضيه المسلمون وارجع إلى البصرة فأقم بها، وذر عنك خراسان فلا حاجة لنا بها يا بن قيس! ما لنا ولخراسان وما لخراسان ولنا، ولوددت (1) أن بيننا وبين خراسان جبالا من حديد وبحارا، وألف سد، كل سد مثل سد يأجوج ومأجوج. قال: فقال له علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: ولم ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر رضي الله عنه (2): لأنها أرض بعدت عنا جدا ولا حاجة لنا بها.