قال: فلما انتهى شعره إلى معاوية ونظر إليه عجب لذلك ثم أقبل على من بحضرته وقال: قاتله الله! لقد قال وأبلغ ويله، إنما بعثناه رسولا فصار علينا محرضا.
خبر الطائي مع معاوية (1).
قال: ثم إن معاوية ذات يوم ركب وخرج إلى الصحراء ومعه جماعة من وجوه أهل الشام، فبينا هو كذلك إذا بشخص قد أقبل من ناحية العراق على قعود له فقال:
علي بهذا المقبل! فأتوا به، فقال له معاوية: ممن الرجل؟ قال: من طيء، قال: فمن أين أقبلت؟ قال: من الكوفة، قال: وأين تريد؟ قال: أريد ابن عم لي يكون في ناحيتك يقال له حابس بن سعد الطائي (2)، فقال معاوية: علي بحابس، فأقبل إليه، فلما نظر إلى ابن عمه رحب به وقربه وفرح برؤيته وأحضره بين يدي معاوية، فقال له معاوية: كيف خلفت علي بن أبي طالب وأين تركته وعلى ماذا قد عزم؟ فقال: نعم يا معاوية! أخبرك، أنه قدم من البصرة إلى الكوفة، فلما دخلها تهافت الناس عليه بالبيعة، ثم إنه ندب الناس إلى قتالك، فرأيته وقد حف به الناس من المهاجرين والأنصار، حتى لقد حمل إليه الصبي، ودنت (3) منه العجوز وخرجت إليه العروس، كل ذلك فرحا بولايته، لقد تركته وما له همة إلا الشام، فهذا ما عندي من الخبر. فقال معاوية: ما اسمك؟ قال: اسمي خفاف، قال: هل تقول شيئا من الشعر؟ قال: نعم، فأنشأ يقول شعرا (4).