فقالت عائشة: قد فهمت ما قلت يا مروان! فقال مروان: قد تبينت ما في نفسك، فقالت: هو ذاك.
ثم إنها خرجت تريد مكة، فلقيها ابن عباس فقالت له: يا بن عباس! إنك قد أوتيت عقلا وبيانا فإياك أن ترد الناس عن قتل هذا الطاغي عثمان، فإني أعلم أنه سيشأم قومه كما شأم أبو سفيان قومه يوم بدر، ثم إنها مضت إلى مكة وتركت عثمان على ما هو فيه من ذلك الحصار والشدة.
ذكر ما أشير به على عثمان من إحراز دمه والنظر لنفسه.
قال: وأقبل سعيد بن العاص على عثمان فقال: يا أمير المؤمنين! أرى لك من الرأي أن تخرج على القوم وأنت ملب كأنك تريد الحج، فإني أرجو أن لا يتعرضوا لك إذا نظروا إليك ملبيا، ثم تأتي مكة، فإذا أتيتها لم يقدم عليك أحد بما تكرهه، فقال عثمان: لا والله لا أختار على هذه المدينة التي أختارها الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: فقال له سعيد بن العاص الثقفي: يا أمير المؤمنين! فإني أخبرك بثلاث خصال فاختر واحدة، قال عثمان: وما ذلك؟ قال: إما أن تقاتل القوم وتجاهدهم فنقاتل معك حتى نفني أرواحنا، قال عثمان: ما أريد ذلك، قال: فتركب نجائبك حتى تأتي الشام، فإن بها معاوية وهو ابن عمك وبها شيعتك وأنصارك، قال عثمان: والله لا أريد ذلك! قال: فأقلك على نجائبي حتى أقدم بك البصرة، فإن بها قوما من الأزد وفيهم معروف لي وهم لي شاكرون، فتنزل بين أظهرهم فيمنعوك، فقال عثمان: لا والله لا خرجت من المدينة كائنا في ذلك ما كان.
قال: وأقبل أسامة بن زيد إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا أبا الحسن! والله لأنك أعز علي من سمعي وبصري، وإني أعلمك أن هذا الرجل ليقتل، فأخرج من المدينة وسر إلى ضيعتك ينبع (1)، فإنه إن قتل وأنت بالمدينة