قال: ثم أقبل علي رضي الله عنه حتى دخل على عثمان فسلم وجلس فقال:
اتق الله أيها الرجل وكف عن عمار وغير عمار من الصحابة (1)، فإنك قد سيرت رجلا من صلحاء المسلمين وخيار المهاجرين الأولين حتى ملك في تسييرك إياه غريبا، ثم إنك الآن تريد أن تنفي نظيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال عثمان: لانت أحق بالمسير منه، فو الله ما أفسد علي عمارا وغيره سواك! فقال علي رضي الله عنه: والله يا عثمان! ما أنت بقادر على ذلك ولا إليه بواصل فروم ذلك إن شئت، وأما قولك:
إني أفسدهم عليك، فوالله ما يفسدهم عليك إلا نفسك، لأنهم يرون ما ينكروه فلا يسعهم إلا تغيير ما يرون.
قال: ثم وثب علي رضي الله عنه فخرج واستقبله الناس فقالوا له: ما صنعت يا أبا الحسن؟ فقال: صنعت إنه قال لي كذا وكذا وقلت له كذا، فقالوا له:
أحسنت والله وأصبت يا أبا الحسن! فو الله لئن كان هذا شأن عثمان ورأيه فينا كلما غضب على رجل منا نفاه إلى بلد غير بلده فلا يموت أحد منا إلا غريبا في غير أهل ولا عشيرة، وإلى من يوصي الرجل عند موته وبمن يستعين فيما ينويه، والله! لئن نموت في رحالنا خير لنا من حياة الأبد بالمكان الذي مات فيه أبو ذر رحمة الله تعالى.
قال: ثم أقبل علي رضي الله عنه على عمار بن ياسر فقال له: اجلس في بيتك ولا تبرح منه، فإن الله تبارك وتعالى مانعك من عثمان وغير عثمان، وهؤلاء المسلمون معك، فقالت بنو مخزوم: والله يا أبا الحسن! لئن نصرتنا وكنت معنا لا وصل إلينا عثمان بشيء نكرهه أبدا. وبلغ ذلك عثمان فكف عن عمار وندم على ما كان منه (2).
قال: وجعل لا يدخل عليه أحد من وجوه المسلمين إلا شكا إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال له زيد بن ثابت: يا أمير المؤمنين! أفلا أمشي إليه فأخبره