لم يرجع إليه، أو قدم فيه يدا لقطعتها، فقال له الأشتر: أنت تقول هذا أم غيرك؟
فقال سعيد بن العاص: لا بل أنا أقوله، فقال الأشتر: أتريد أن تجعل مراكز رماحنا وما أفاء الله علينا بأسيافنا (1) بستانا لك وقومك، والله! ما يصيبك من العراق إلا كل ما يصيب رجلا من المسلمين.
قال: ثم التفت الأشتر إلى عبد الرحمن بن خنيس فقال: وأنت يا عدو الله ممن يزين له رأيه في ظلمنا والتعدي علينا لكون ولاءك الشرطة، قال: ثم مد الأشتر يده فأخذ حمائل سيف ابن خنيس فجذبه إليه وقال: دونكم يا أهل الكوفة! هذا الفاسق فاقتلوه حتى لا يكون للمجرمين ظهير. قال: فأخذته الأيدي حتى وقع لجنبه ثم جروا برجله، فوثب سعيد بن العاص مسرعا حتى دخل إلى منزله، وقام الأشتر فخرج من المسجد وخرجوا معه أصحابه وهم يقولون: وفقك الله فيما صنعت وقلت! فوالله لئن رخصنا لهؤلاء قليلا لزعموا أن دورنا وموارثنا التي ورثناها عن آبائنا في بلادنا لهم من دوننا.
قال: فكتب سعيد بن العاص من ساعته بذلك إلى عثمان كتابا (2) في أوله:
(بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من سعيد بن العاص، أما بعد! فإني أخبر أمير المؤمنين أني ما أملك من الكوفة شيئا مع الأشتر النخعي، ومعه قوم يزعمون أنهم القراء وهم السفهاء، فهم يردون علي أمري ويعيبون علي صالح أعمالي، وأن الأشتر كان بينه وبين صاحب شرطي كلام ومراجعة في شيء لا أصل له، فأغرى به الأشتر سفهاء أصحابه وأشرار أهل المصر حتى وثبوا عليه وأنا جالس، فضربوه حتى وقع لجنبه وهو لما به، فكتب إلي أمير المؤمنين برأيه أعمل به إن شاء الله.
فكتب إليه عثمان كتابا في أوله: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد! فقد بلغني كتابك تذكر فيه أنك لا تملك من الكوفة شيئا من الأشتر، ولعمري إنك تملك منها العريض الطويل، وقد كتبت إلى الأشتر كتابا وضمنته كتابك فادفعه إليه وانظر أصحابه هؤلاء الذين ذكرتهم فألحقهم به - والسلام -.