الناس ورماني بكل عيب، قال: فما لك وللأشتر وأصحابه نفيتهم إلى الشام وفرقت بينهم وبين أهاليهم وأولادهم؟ فقال: لان الأشتر أغرى الناس بعاملي سعيد بن العاص وأضرم الكوفة علي نارا. فقال الزبير: يا عثمان! إن هذه الاحداث التي عددتها عليك هي أقل أحداثك، ولو شئت أن أرد عليك جميع ما تحتج به لفعلت، وأراك تقرأ صحيفتك من حيث تريد، وأخاف عليك يوما له ما بعده من الأيام. قال:
وتقدم إليه طلحة بن عبيد الله فقال: يا عثمان! أهلكك بنو أمية وأطمعك فينا آل أبي معيط، وعند غب الصدر يحمد الورد أو يذم، وأنا لك كما كنت لنا، فإذا لم تكن لنا كنا عليك، ثم خرجوا من عنده (1).
قال: فدعا عثمان من ساعته بدواة وقرطاس وكتب إلى عامله بالكوفة سعيد بن العاص: أما بعد، فإني خشيت أن أكون قد اقترفت ذنبا عظيما وإثما كبيرا من كعب بن عبيدة، وإذا ورد كتابي هذا إليك فابعث إليه فليقدم عليك ثم عجل به علي - والسلام. - قال: فلما ورد الكتاب على سعيد بن العاص دعا ببكير بن حمران الأحمري، وأنفذه إلى كعب بن عبيدة فأشخصه إليه، ثم وجه به إلى المدينة، فلما أدخل على عثمان سلم، فرد عليه السلام ثم أدنى مجلسه وقال: يا أخا بني نهد! إنك كتبت إلي كتابا غليظا ولو كتبت أنت لي فيه بعض اللين وسهلت بعض التسهيل لقبلت مشورتك ونصيحتك، ولكنك أغلظت لي وتهددتني واتهمتني حتى أغضبتني فنلت منك ما نلت، وإنه وإن كان لكم علي حق فلي عليكم مثله مما لا ينبغي أن تجهلوه، قال: ثم نزع عثمان قميصه ودعا بالسوط فدفعه إليه وقال: ثم يا أخا بني نهد!
اقتص مني ما ضربتك، فقال كعب بن عبيدة: أما أنا فلا أفعل ذلك فإني أدعه لله تعالى ولا أكون أول من سن الاقتصاص من الأئمة، والله لئن تصلح أحب إلي من أن تفسد، ولئن تعدل أحب إلي من أن تجور، ولئن تطيع الله أحب إلي من أن تغضبه.
ثم وثب كعب بن عبيدة فخرج من عند عثمان فتلقاه قوم من أصحابه فقالوا: ما منعك أن تقتص منه وقد أمكنك من نفسه؟ فقال: سبحان الله والي أمر هذه الأمة! ولو شاء لما أفداني من نفسه، وقد وعد التوبة وأرجو أن يفعل.
قال: وتقدم قوم من أهل الشام فشكوا معاوية إلى عثمان رضي الله عنه،