فلما سلم عليه جعل عثمان ينظر إليه ثم قال: (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه)! (1) أنت تعلمني الحق وقد قرأت القرآن وأنت في صلب أب مشرك، قال كعب: على رسلك يا بن عفان، فإن كتاب الله لو كان للأول دون الاخر لم يبق للآخر شيء، ولكن القرآن للأول والآخر، فقال عثمان: والله ما أراك تدري أين ربك! قال: بلى يا عثمان! هو لي ولك بالمرصاد، فقال مروان: يا أمير المؤمنين!
حلمك على مثل هذا وأصحابه أطمع فيك الناس، فقال كعب: يا عثمان! إن هذا وأصحابه أغمروك وأغرونا بك، قال عثمان: جردوه، فجردوه و ضربه عشرين سوطا، ثم أمر به فرد إلى الكوفة، وكتب إلى سعيد بن العاص: أما بعد، فإذا قدم عليك كعب بن عبيدة هذا فوجه به مع رجل فظ غليظ إلى جبال كذا، فليكن منفيا عن بلده وقراره. قال: فلما قدم كعب على سعيد بن العاص دعا به فضمه إلى رجل من أصحابه يقال له بكير بن حمران الأحمري فخرج به حتى جعله كذلك حيث أمر عثمان.
قال: وأقبل طلحة والزبير حتى دخلا على عثمان، ثم تقدم إليه الزبير وقال:
يا عثمان! ألم يكن في وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا تحمل آل بني معيط على رقاب الناس إن وليت هذا الامر؟ قال عثمان: بلى، قال الزبير: فلم استعملت الوليد بن عقبة على الكوفة؟ قال عثمان: استعملته كما استعمل عمر بن الخطاب عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، فلما عصى الله وفعل ما فعل عزلته واستعملت غيره على عمله، قال: فلم استعملت معاوية على الشام؟ فقال عثمان:
لرأي عمر بن الخطاب فيه، قال: فلم تشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولست بخير منهم؟ قال عثمان: أما أنت فلست أشتمك، ومن شتمته فما كان به عجز عن شتمي، فقال مالك ولعبد الله بن مسعود هجرت قراءته وأمرت بدوس بطنه، فهو في بينه لما به وقد اقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عثمان: إن الذي بلغني من ابن مسعود أكثر مما بلغت منه، وذاك أنه قال: وددت أني وعثمان برمل عالج يحث علي وأحث عليه حتى يموت الأعجز منا، قال: فما لك ولعمار بن ياسر أمرت بدوس بطنه حتى أصابه الفتق؟ فقال: لأنه أراد أن يغري الناس بقتلي، قال: فما لك ولأبي ذر حبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيرته حتى مات غريبا طريدا؟ قال: لما قد علمت أنه قد أفسد علي