فاقتتلا قتالا شديدا فهزمه ابن الأهوازي واستقر بأنطاكية، فلما عاد سيف الدولة إلى حلب لم يبت بها إلا ليلة واحدة حتى سار إلى إنطاكية فالتقاه ابن الأهوازي فاقتتلوا قتالا شديدا ثم انهزم دزبر وابن الأهوازي وأسر فقتلهما سيف الدولة (1).
وفيها ثار رجل من القرامطة اسمه مروان كان يحفظ الطرقات لسيف الدولة. ثار بحمص فملكها وما حولها، فقصده جيش من حلب مع الأمير بدر فاقتتلوا معه فرماه بدر بسهم مسموم فأصابه، واتفق أن أسر أصحاب مروان بدرا فقتله مروان بين يديه صبرا ومات مروان بعد أيام وتفرق عنه أصحابه. وفيها عصى أهل سجستان أميرهم خلف بن أحمد، وذلك أنه حج في سنة ثلاث وخمسين واستخلف عليهم طاهر بن الحسين، فطمع في الملك بعده واستمال أهل البلد، فلما رجع من الحج لم يسلمه البلد وعصي عليه، فذهب إلى بخارى إلى الأمير منصور بن نوح الساماني فاستنجده، فبعث معه جيشا فاستنقذ البلد من طاهر وسلمها إلى الأمير خلف بن أحمد - وقد كان خلف عالما محبا للعلماء - فذهب طاهر فجمع جموعا ثم جاء فحاصر خلفا وأخذ منه البلد. فرجع خلف إلى الأمير منصور الساماني فبعث معه من استرجع له البلد ثانية وسلمها إليه، فلما استقر خلف بها وتمكن منها منع ما كان ان يحمله من الهدايا والتحف والخلع إلى الأمير منصور الساماني ببخارا، فبعث إليه جيشا فتحصن خلف في حصن يقال له حصن إراك (2)، فنازله الجيش فيه تسع سنين (3) لم يقدروا عليه، وذلك لمناعة هذا الحصن وصعوبته وعمق خندقه وارتفاعه، وسيأتي ما آل إليه أمر خلف بعد ذلك. وفيها قصدت طائفة في الترك بلاد الخزر فاستنجد أهل الخزر بأهل خوارزم فقالوا لهم: لو أسلمتم لنصرناكم. فأسلموا إلا ملكهم، فقاتلوا معهم الترك فأجلوهم عنها ثم أسلم الملك بعد ذلك ولله الحمد والمنة.
وممن توفي من الأعيان...
المتنبي الشاعر المشهور أحمد بن الحسين بن عبد الصمد أبو الطيب الجعفي الشاعر المعروف بالمتنبي، كان أبوه يعرف بعيدان السقا وكان يسقي الماء لأهل الكوفة على بعير له، وكان شيخا كبيرا. وعيدان هذا قال ابن ماكولا والخطيب: هو بكسر العين المهملة وبعدها ياء مثناة من تحت، وقيل بفتح العين لا كسرها، فالله أعلم كان مولد المتنبي بالكوفة سنة ست (4) وثلاثمائة ونشأ بالشام بالبادية فطلب الأدب ففاق أهل .