يخاطبهما، فلما فرغ منهما خلع عليهما وأطلق لهما خمسين سقرقا في كل سقرق خمسة آلاف درهم، وأخرجا من بين يديه وطيف بهما في بقية دار الخلافة، وعلى حافات دجلة الفيلة والزرافات والسباع والفهود وغير ذلك، ودجلة داخلة في دار الخلافة، وهذا من أغرب ما وقع من الحوادث في هذه السنة. وحج بالناس فيها الفضل الهاشمي.
وفيها توفي من الأعيان..
محمد بن أحمد أبو موسى النحوي الكوفي المعروف بالجاحظ، صحب ثعلبا أربعين سنة خلفه في حلقته، وصنف غريب الحديث، وخلق الانسان، والوحوش والنبات، وكان دينا صالحا، روى عنه أبو عمر الزاهد. توفي ببغداد في ذي الحجة منها، ودفن بباب التين. وعبد الله شيرويه (1) الحافظ، وعمران بن مجاشع (2)، وأبو خليفة الفضل بن الحباب (3). وقاسم بن زكريا بن يحيى المطرز المقري أحد الثقات الاثبات، سمع أبا كريب، وسويد بن سعيد، وعنه الخلدي وأبو الجعابي توفي ببغداد...
ثم دخلت سنة ست وثلاثمائة في أول يوم من المحرم فتح المارستان الذي بنته السيدة أم المقتدر وجلس فيه سنان بن ثابت ورتبت فيه الأطباء والخدم والقومة، وكانت نفقته في كل شهر ستمائة دينار، وأشار سنان على الخليفة ببناء مارستان، فقبل منه وبناه وسماه المقتدري. وفيها وردت الاخبار عن أمراء الصوائف بما فتح الله عليهم من الحصون في بلاد الروم. وفيها رجفت العامة وشنعوا بموت المقتدر، فركب في الجحافل حتى بلغ الثريا ورجع من باب العامة ووقف كثيرا ليراه الناس، ثم ركب إلى الشماسية وانحدر إلى دار الخلافة في دجلة فسكنت الفتن. وفيها قلد المقتدر حامد بن العباس الوزارة وخلع عليه وخرج من عنده وخلفه أربعمائة غلام لنفسه، فمكث أياما (4) ثم تبين عجزه عن القيام بالأمور فأضيف إليه