موضوعه كما هو واضح، ومن هنا احتمل بعض الناس كونه أمرا آخر مستقلا غيرهما.
و (ثالثا) أنه إن كان من عقد التمليك فيكفي في قبوله ما يدل على الرضا بذلك من قول: " قبلت " ونحوه، لا اختصاص قبوله بوقوع الاختيار. وبالجملة فهذه الخرافات ونحوها مما تزيد ما ذكرناه قوة والمقابل ضعفا، وهي لائقة بأهلها.
فمن الغريب بعد ذلك كله ميل الشهيد الثاني إلى القول المزبور، لهذه الأخبار التي قد عرفت حالها وما يعارضها وقوة خروجها مخرج التقية، بل قد عرفت التصريح في بعضها بأن ذلك حديث أبي عن عائشة.
بل يكن الجمع بينها بأن المراد من هذه الأخبار التخيير التوكيلي أو ما يشبهه، كما عساه يومئ إليه ما سمعته في بعضها من أنها " لو طلقت نفسها ثلاثا وقعت واحدة " لا التولية الممنوعة المنافية لكون " الطلاق بيد من أخذ بالساق المنزل عليها الأخبار السابقة أو غير ذلك.
هذا وفي المسالك " أن موضع الخلاف ما لو جعل التخير على الوجه المدلول عليه بلفظه، بأن يريد منها أن يتخير بلفظه أو ما أدى معناه، أما لو كان مراده من التخيير توكيلها في الطلاق إن شاءت كان ذلك جائزا بغير خلاف عند من جوز وكالة الامرأة فيه، ولم يشترط المقارنة بين الايجاب والقبول، كغيره من الوكالات، وكان فرضها حينئذ في ايقاعه بلفظ الطلاق المعهود وما أداه والعامة لم يفرقوا بين قوله: " اختاري نفسك " وبين قوله: " طلقي نفسك " في أنه تمليك للطلاق أو توكيل فيه، وأنه يتأدى باختيارها الفراق بلفظ الطلاق وبلفظ الاختيار وبما أدى معناهما بناء على أن جميع ذلك كناية عن الطلاق أو طلاق صريح، وأنه يقع بالأمرين ".
قلت: قد يقال: إن العمدة في الخلاف العامة، فمع فرض كون العامة على