ولو بظاهر أدلة التسبيب تصح في المعلق على حسب غيرها من أقسام الانشاء القابل لذلك، نحو قول السيد لعبده: " أكرم زيدا إن جاءك " أو " إذا جاءك رأس الشهر " ونحو ذلك، فإن إنشاءها حيث يؤتى به من هذا القبيل، لا من قبيل إنشاء الايقاع.
وفيه أنه لا شك في احتياج الرجوع بعد حصول مقتضى الفسخ إلى سبب، ولم يثبت سببية المعلق، ولا إطلاق يتمسك به، فالأصل عدم حصوله.
وقد يدفع بأنه يكفي إطلاق أدلة الرجعة التي قد عرفت أن مفادها تحققها بما يحصل من قول أو فعل يقتضي البقاء على الزوجية السابقة وإن لم يقصد إنشاء معنى الرجوع، ولا ريب في حصوله بقول: " أنت زوجتي إذا جاء رأس الشهر " أو " إذا رضيت " أو " رضي زيد " وحصل المعلق عليه.
والعامة لم يجوزوا التعليق فيها مع تجويزهم له في الطلاق، وهو مبني على أنها عندهم استباحة بضع، فكانت كالنكاح الذي لا يقبله، لا كالطلاق الذي هو لحرمة استباحة العضو، وهو كما ترى مجرد استحسان واعتبار، ومبني على أصل فاسد، فتأمل جيدا.
(ولو طلقها رجعيا فارتدت فراجع لم يصح) في المشهور على ما قيل، (كما لا يصح ابتداء الزوجية) وإن لم نقل: إن الرجعة ابتداء نكاح، بل لمصادفتها محلا غير قابل للرجوع، ضرورة اقتضاء الارتداد انفساخ النكاح الكامل فضلا عن علقته في المطلقة رجعيا، ومن هنا تبين منه لو لم تكن مطلقة، وما دل على اقتضاء الرجعة الرجوع إنما هو مع انحصار سبب الفسخ في الطلاق، لا مع فرض حصول سبب آخر له، ودعوى صحة الرجعة بمعنى تأثيرها فسخ الطلاق فله أن يطلقها وحينئذ واضحة الفساد، ضرورة عدم صحة الطلاق في البائنة منه بالارتداد.
نعم قد يقال بناء على ما ذكرناه سابقا من المراعاة في الفسخ بالارتداد بالاسلام وعدمه إلى انقضاء العدة يتجه حينئذ صحة الرجعة والطلاق أيضا مراعى باسلامها في العدة، لانكشاف حصولهما حينئذ في المحل القابل لهما، ولعله لهذا نظر المزني من العامة فقال: (تصح الرجعة موقوفة) أما على القول بأن الاسلام في العدة عود جديد