لأن الارتداد من حيث كونه ارتدادا فاسخ للنكاح، إلا مع العود للاسلام في العدة، وليس الارتداد بالكتابية يجعل لها حكم الذمية التي يجوز استدامة نكاحها، وإلا لاتجه حينئذ جواز الرجوع بها، لأن الرجعة ليس ابتداء نكاح، فيكون حكم المسألة الأولى كالثانية، مع أنك قد عرفت أن المشهور عدم جواز الرجوع فيها بخلاف الثانية، فإن الأمر بالعكس، فالمتجه حينئذ جعل موضوع المسألة الأولى الارتداد مطلقا كي يتجه القول بعدم جواز الرجعة، فتأمل.
وكيف كان فقد يلحق بذلك جواز الرجوع بالزوجة في الاحرام، لعدم كونه ابتداء نكاح، بل يجوز مراجعة الأمة لمن نكحها قبل نكاح الحرة لعدم الطول ثم استطاع فنكح الحرة إذا قلنا بعدم انفساخ نكاح الأمة، فلو طلقها حينئذ كان له الرجوع بها، وإن لم نجوز له ابتداء النكاح إلى غير ذلك مما لا يخفى عليك وجهه.
(ولو طلق وراجع فأنكرت الدخول بها أولا وزعمت أنه لا عدة عليها ولا رجعة وادعى هو الدخول كان القول قولها مع يمينها، لأنها تدعي الظاهر) الموافق للأصل مع فرض عدم الخلوة بها، وإلا كان فيه البحث السابق في النكاح، وكذا لو كانت دعواه إني طلقتها بعد الدخول فلي الرجعة، فأنكرت الدخول، ضرورة اتحاد المدرك في المسألة من غير فرق بين وقوع المراجعة منه وعدمها، نعم يختلفان في إلزامه بالأحكام على مقتضى إقراره من عدم جواز نكاح أختها والخامسة إلا بعد طلاقها في الأول، بخلاف الثاني، فإنه يكفي في الجواز انقضاء العدة، وأما حكم المهر بالنظر إلى تنصيفه والمطالبة به وغير ذلك فقد تقدم في كتاب النكاح تفصيل القول فيه في هذا الفرض، وفيما لو كانت الدعوى منها الدخول وأنكره هو، على أنه واضح بأدنى التفات إلى القواعد العامة المتعلقة بالاقرار ونحوه.
(ورجعة الأخرس) بالفعل كغيره بالقول و (بالإشارة الدالة على المراجعة) وفاقا للمشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة، لما عرفته سابقا من الاجتزاء بذلك