حينئذ تحت عامين، فامتثالها الأمر فيهما يحصل باعتدادها بأبعد الأجلين. وإن كان فيه (أولا) أن آية أولات الأحمال ظاهرة في المطلقة و (ثانيا) أن مقتضاه الترجيح لإحداهما على الأخرى، ومع عدمه فالجمع بينهما.
نعم قد يقال: إنه لو عمل بإطلاق الوفاة لاقتضى خروجها عن العدة بمضيها وإن لم تضع، فيلزم أن يكون عدة الوفاة أضعف من عدة الطلاق، والأمر بالعكس، كما يظهر من زيادة عدتها ومن شدة أمرها وكثرة لوازمها، فيكون مراعاة الوضع على تقدير تأخره عن الأربعة أشهر وعشر أولى منه في الطلاق الثابت بالاجماع، ولعل هذا هو السر في اعتدادها بأبعد الأجلين الذي استفاضت به نصوصنا (1) وانعقد عليه إجماعنا، خلافا للعامة، فأبانوها بالوضع ولو لحظة بعد وفاته، وهو كما ترى.
(و) كيف كان فلا خلاف نصا (2) وفتوى في أنه (يلزم المتوفى عنها زوجها) إذا كانت حرة (الحداد) بل الاجماع بقسميه عليه، مضافا إلى المعتبرة (3) المستفيضة بل المتواترة التي مر عليك بعض منها، ويمر عليك آخر إنشاء الله.
(وهو) لغة وشرعا (ترك ما فيه زينة من الثياب، والأدهان المقصود بها الزينة، والتطيب) فيها أو في البدن، والتكحيل بالأسود أو بغيره مما فيه زينة بلونه أو بغيره، بل عن المبسوط أنهن يكتحلن بالصبر، لأنه يحسن العين ويطري الأجفان، فالمعتدة ينبغي أن تتجنبه، لما روت أم سلمة (4) أن النبي صلى الله عليه وآله قال لها:
" استعمليه ليلا وامحيه نهارا " الحديث. إلى غير ذلك مما تتزين به النساء، كالخطاط والحمرة وماء الذهب والديرم والسفداج ونحوها.
والحداد من الحد بمعنى المنع، من حدت المرأة تحد حدا: أي منعت نفسها