رهج الغبار فلم يكن الرجل يقدر أن ينظر إلى صاحبه قال فانقطع منهم ستة آلاف فيهم قطن بن قتيبة وغوزك من الدهاقين فانتهوا إلى قصر من قصور بخارى وهم يرون أن أشرس قد هلك وأشرس في قصور بخارى فلم يلتقوا إلا بعد يومين ولحق غوزك في تلك الوقعة بالترك وكان قد دخل القصر مع قطن فأرسل إليه قطن رجلا فصاحوا برسول قطن ولحق بالترك قال ويقال إن غوزك وقع يومئذ وسط الخيل فلم يجد بدا من اللحاق بهم ويقال إن أشرس أرسل إلى غوزك يطلب منه طاسا فقال لرسول أشرس إنه لم يبق معي شئ أتدهن به غير هذا الطاس فاصفح عنه فأرسل إليه اشرب في قرعة وابعث إلى بالطاس ففارقه قال وكان على سمرقند نصر بن سيار وعلى خراجها عميرة بن سعد الشيباني وهم محصورون وكان عميرة ممن قدم مع أشرس وأقبل قريش بن أبي كهمس على فرس فقال لقطن قد نزل الأمير والناس فلم يفقد أحد من الجند غيرك فمضى قطن والناس إلى العسكر وكان بينهم ميل قال ويقال إن أشرس نزل قريبا من مدينة بخارى على قدر فرسخ وذلك المنزل يقال له المسجد ثم تحول منه إلى مرج يقال له بوادرة فأتاهم سبابة أو شبابة مولى قيس بن عبد الله الباهلي وهم نزول بكمرجة وكانت كمرجة من أشرف أيام خراسان وأعظمها أيام أشرس في ولايته فقال لهم إن خاقان ما ربكم غدا فأرى لكم أن تظهروا عدتكم فيرى جدا واحتشادا فينقطع طمعه منكم فقال له رجل منهم استوثقوا من هذا فإنه جاء ليفت في أعضادكم قالوا لا نفعل هذا مولانا وقد عرفناه بالنصيحة فلم يقبلوا منه وفعلوا ما أمرهم به المولى وصبحهم خاقان فلما حاذى بهم ارتفع إلى طريق بخارى كأنه يريدها فتحدر بجنوده من وراء تل بينهم وبينه فنزلوا وتأهبوا وهم لا يشعرون بهم فلما كان ذلك ما فاجأهم أن طلعوا على التل فإذا جبل حديد أهل فرغانة والطاربند وأفشينة ونسف وطوائف من أهل بخارى قال فأسقط في أيدي القوم فقال لهم كليب بن قنان الذهلي هم يريدون مزاحفتكم فسربوا دوابكم المجففة في طريق النهر كأنكم تريدون أن تسقوها فإذا جردتموها فخذوا طريق الباب وتسربوا الأول فالأول فلما رآهم الترك يتسربون شدوا عليهم
(٤٠٢)